جان دوست يروي مأساة الهوية الكردية الممزقة على الحدود – حوار مصطفى سليم

“فتحت عيني في بيئة يحيط بها الخوف. تعلمت منذ الصغر أن هويتي الأصلية خطرة. لماذا؟ لم أكن أعرف لماذا يجب علينا ألا نصرح بانتمائنا؟ لماذا علينا أن نمتنع عن التحدث بلغتنا؟ كنا نخاف من كل شيء؛ من سكة القطار التي شطرت القبائل والبلدات الكردية بين دولتين مختلفتي الهوية. لم يكن أمام الكردي إلا أن يكون عربياً سورياً أو تركياً. هذا على الأقل في الأوراق الرسمية”.

مقدمة تراجيدية بادرنا بها الروائي والمترجم الكردي جان دوست، المولود في كوباني عام 1965، وقد مكث فيها 35 عاماً من عمره قبل أن يغادرها منذ 20 عاماً إلى ألمانيا منفياً باختياره لينتهي به المآل إلى المنفى القسري، إذ لم تعد حواري البلدة الريفية ومنازلها سوى أكوام من الدمار بعد صنيع داعش بها في 2014. كانت منطقة حدودية صغيرة يقطنها بضعة آلاف تابعة لـ”حلب”، تقع على الحدود السورية التركية شمال البلاد، لتنال صنفين من العذاب على أيدي هذه وتلك.

وبقدر ما تُصعِّب مسيرة الحوار عن النكسة الكردية، إن صح التوصيف، بما تترك في داخله من خسارات وانكسارات وفقد، تُلقي على رُوح صاحبها عواصف من الهموم والوجع كلما غاص في دواماتها، بقدر ما تثير أيضاً شغف الأسئلة المتنوعة عن مسيرته الشاقة هذه. وتثير علامات استفهام لمحاولة إدراك ماذا جرى للأكراد، الذين يبلغ تعدادهم نحو 50 مليون كردي، ممزقة هويتهم على حدود 5 دول أو يزيد، هي تركيا وإيران والعراق وسوريا وبلاد ما وراء القوقاز؛ جورجيا وأرمينيا وأذربيجان، بالإضافة إلى المهجَّرين والمنفيين منهم إلى أوروبا.