إبراهيم سالم: المسرح يخاصم المنصات الافتراضية – بقلم علاء الدين محمود

يضع الممثل والمخرج إبراهيم سالم يده على عدد من المواضيع المتعلقة بالنشاط المسرحي، ويثير الكثير من النقاط المهمة، ويطرح أفكاراً تدفع بالفعل الدرامي إلى الأمام.
وفي معرض توصيفه للحراك المسرحي في الدولة، ذكر سالم، أنه نشط ومميز، ويجد الاهتمام والرعاية، وأوضح أن الإمارات وضعت قدمها بثقة كبيرة في مسار المسرح العربي من خلال الكثير من الأعمال التي قدمت محلياً وخارجياً، وأن المستقبل سيكون مشرقاً مع وجود مؤسسات فاعلة ومهتمة، مثل دائرة الثقافة في الشارقة، والهيئة العربية للمسرح، وجمعية المسرحيين، فضلاً عن الجوائز والمهرجانات التي ترعاها الدولة، وهناك أيضاً الكثير من المهرجانات المؤثرة، مثل أيام الشارقة المسرحية، والمسرح الخليجي.. وغيرهما، ولذلك فإن راية النشاط المسرحي مرفوعة وخفاقة بفضل دعم صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي امتدت أياديه لتدعم المسرح في كل الدول العربية.

ولفت سالم إلى أن الحركة الفنية في الدولة حية على مستوى كل أشكال المسرح، مثل العروض المختصة بالأطفال والشباب والكبار، وبالتالي فإن المسرح الإماراتي صار من العلامات البارزة والراسخة في المنطقة العربية.

تحديات

وأوضح سالم أن جميع التحديات والعقبات المتعلقة بالممارسة الإبداعية المسرحية في الدولة قد ذللت بعد إطلاق أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، فذلك ما كان ينقص المسرح الإماراتي، ومن المتوقع أن تغيّر من واقع تدريس الفن في الدولة وفي منطقة الخليج، ومن المنتظر، بعد عشر سنوات على أقل تقدير، أن يكون للأكاديمية شأن، وتأثير كبير في الواقع الإبداعي، وتطوير الممارسة المسرحية، خاصة أن الأكاديمية هي الأولى من نوعها في العالم العربي، ويقول: «الكرة الآن صارت في ملعب المسرحيين لتقديم أفضل ما لديهم من إبداع، فتطور المسرح الإماراتي رهين بالفعل الجاد من قبل المشتغلين فيه».

وأوضح سالم، أن دوائر الثقافة في الدولة، ظلت تقوم بمجهودات مقدّرة ودعم مميز للنشاط المسرحي والدرامي بعطاء مستمر، وأشار إلى أن تلك الدوائر مطالبة بطباعة وأرشفة المجهودات والبحوث الفكرية التي ظلت تقوم بها في خدمة المسرح.

علاقة حية

وفي سياق حديثه عن بث الأنشطة الإبداعية عبر المنصات الافتراضية في ظل جائحة كورونا، ذكر سالم أن المسرح لم يتصالح حتى الآن مع تلك الوسائط، فهو يقوم على العلاقة الحية بين الممثل والجمهور، مشيراً إلى أن «أبو الفنون»، هو أقدم إبداع مرئي عرفته البشرية، فهو يسبق السينما والتلفزيون والسوشيال ميديا، ورغم ذلك لم يزل باقياً، لأنه فن اللقاء المباشر مع الجمهور، لذلك فإن استجابته للتقنيات الافتراضية الحديثة تمثل نهاية له؛ أي نفياً لتلك العلاقة التي يقوم عليها وتمثل شرطاً لاستمراريته، ويشير سالم إلى أن علاقة المسرح بتقنيات البث الحديثة تشغل بال المسرحيين في كل العالم، وتجرى نقاشات واسعة حولها، وربما يدفع المستقبل بإجابات مختلفة.

وحول واقع عمل الهيئة العربية للمسرح، ذكر سالم، أن وجودها مهم للحراك الدرامي على مستوى العالم العربي، فهي تدعم استمرار الفعل المسرحي عبر الرسائل والبحوث والمنشورات، التي تنتجها وتطبعها وتقدمها للمسرحيين والجامعات والمعاهد العليا المختصة بالدراما، وشدد سالم على أن الهيئة مطالبة بالاستمرار في لعب الدور الكبير نفسه الذي تبذله وتمارسه.

حاجز نفسي

وفي حديثه عن جمعية المسرحيين الإماراتيين، طالب سالم بألا يتخذ الأعضاء موقفاً سلبياً منها، فبعض المسرحيين صاروا لا يفعلون شيئاً سوى الانتقاد، من دون أن يطوروا ذلك الموقف إلى حالة إيجابية تقدم الحلول، ودعا سالم الأعضاء، خاصة الذين صار لهم باع في العمل المسرحي، للعمل البناء وعدم الاكتفاء بالنقد، وقال: «مشكلة الجمعية في المسرحيين أنفسهم»، وأوضح أن هناك حاجزاً نفسياً بين بعض الأعضاء والجمعية، ويجب أن يحل بواسطة المسرحيين أنفسهم، فالإدارة ظلت تتقبل المقترحات والآراء بصدر مفتوح، ولفت إلى أن الجمعية ظلت تقيم الورش وترعى العديد من الفعاليات والمهرجانات، وأكد أن الجمعية لا تستطيع أن تعمل من دون أن يكون لأعضائها دوافع العمل الجاد والمستمر.

ودعا سالم، إلى نقد حقيقي ومنهجي، حيث إن ذلك الأمر هو ما تفتقده الساحة المسرحية الإماراتية، فالنقد الموجود لا يقدم أي تحليل وتفكيك وتفسير للعروض، وليست هنالك دراسات نقدية علمية لحال المسرح.

وطالب سالم بأن تهتم الصحافة الثقافية بالمسرح الإماراتي، وأشار إلى أن الصحف ظلت لا تهتم بالإبداع المحلي، وهي بعيدة عن تناول واقع النشاط الثقافي في الدولة، وهي مدعوة لأن تبذل جهداً أكبر في هذا الاتجاه. وأكد سالم أن وجود نشاط مسرحي حقيقي يتطلب تضافر الجهود من قبل الشركاء في العملية الإبداعية من مسرحيين ونقاد وإعلام ومؤسسات ثقافية.

توقف

وحول ابتعاد عدد من المسرحيين وتوقفهم عن النشاط الدرامي، استدعى سالم مقولة صاحب السمو حاكم الشارقة: «نحن كبشر زائلون ويبقى المسرح ما بقيت الحياة»، فإذا كان لبعض الأفراد مواقف أو مشاكل مع أشخاص معينين في المسرح، قادت إلى ابتعادهم، فعليهم أن يعملوا على حل تلك الإشكاليات، فقطار المسرح لن ينتظر أحداً، أما الذين تركوا الفعل الدرامي لدواع أخرى، فهم مطالبون كذلك بأن يواجهوا تلك الأسباب لكي يعودوا مجدداً لحضن «أبو الفنون»، ويقول: «أبواب الممارسة المسرحية مفتوحة للجميع، وأدعو جميع من ابتعدوا لمختلف الأسباب، أن يعودوا ليقدموا أعمالاً تظهر إبداعاتهم ويعطروا الخشبة بفنهم».

ووعد سالم بعودة قوية للنشاط المسرحي عقب انتهاء جائحة «كورونا»، خاصة أن الفنانين لم يركنوا إلى الصمت، بل انخرطوا في إقامة الورش التدريبية والأدائية، والنقاشات، وغير ذلك، ما يدفع النشاط المسرحي إلى الأمام.

جردية الخليج