محسن سليمان: الفضاء الإلكتروني يروج للرداءة الأدبية – بقلم عثمان حسن

قضايا النشر الإماراتي، ما بين ضعف التسويق المحلي والخارجي، وعدم وجود استراتيجيات واضحة في هذا الشأن، ناهيك عن افتقار القطاع لآليات تضمن توفر عروض نشر عربية تنشط السوق المحلية، وتضمن استمرارها، هي من المشكلات التي يثيرها القاص والناشر الإماراتي محسن سليمان صاحب دار «العنوان».

من جهة أخرى، يسلط سليمان الضوء على الكثير من المحاور التي لها علاقة بحراك المشهد الثقافي المحلي، بعضها له صلة بالكتابة الإبداعية، وضرورة توخيها لمعايير الجودة الفنية والأدبية، وبعضها يرتبط بغياب المخصصات المالية المنتظمة لاتحاد كتاب الإمارات التي تضمن خدمة الشأن الثقافي والفكري على نحو أفضل، وفي ذات السياق، يتساءل سليمان عن اختفاء الملاحق الثقافية التي تعنى بنشر النتاج المحلي.

 يلاحظ سليمان أن ثمة ملمحاً تجارياً بحتاً عند بعض أصحاب دور النشر، فالكثير مما يصدر من كتب، لا يلتزم بالمعايير الأدبية والفنية، فالمحتوى الفكري كما يراه سليمان يغيب، وكأن الحس التجاري هو السائد، وهذا كما يصفه سليمان يضر بالمحتوى الفكري، كما يضر بسمعة النتاج الأدبي بمجمله، ويعلل سليمان أسباب هذه الظاهرة بالإشارة إلى مسألة غاية في الأهمية، وهي ضعف العروض العربية والدولية التي تنشط قطاع النشر المحلي، فيقول: أؤكد أن اهتمام الناشر المحلي بمتابعة ورصد أعمال الكاتب الإماراتي على وجه الخصوص، إنما هو ناتج عن ضعف المردود المالي لغالبية هذه الدور، التي تريد في نهاية المطاف أن تعمل، ولا تجد أمامها سوى ما يعرض عليها من نتاج محلي. ويتابع: حبذا لو تسعى الجهات المسؤولة عن هذا القطاع إلى تفعيل آليات تضمن ضخ عدد كبير من الإصدارات العربية والدولية لنشرها في الإمارات، وألا يترك مثل هذا الأمر للاجتهاد الشخصي، فالنشر الإماراتي في هذه الأيام، هو نشر بصبغة محلية صرفة، مع عناوين أقل في مستواها العربي، وأيضاً الدولي خاصة المترجم، وهذا لا يلبي ما نطمح إليه من تنشيط فعلي للحراك الثقافي والفكري في الدولة.

 وينتقل سليمان إلى النشر الإلكتروني بالقول: لقد فقد الأدب المحلي بعضا من بريقه بهجرة نسبة كبيرة منه إلى الفضاء الإلكتروني، وهو يعتقد أن معظم ما ينشر في هذا الفضاء الإلكتروني لا يخضع لأي معايير فنية أو إبداعية، وهو يفتقد وهج الإبداع وحرارته، وأسوأ ما في الأمر كما يؤكد سليمان، هو أن بعض ما هو منشور على هذه المواقع يسوق للرداءة الأدبية، وهذا موضوع مؤرق، ويجب أن يوضع له حد.

خطط

 يتمنى سليمان أن تعود وزارة الثقافة إلى تنفيذ بعض الخطط، التي تساعد كلاً من الناشر والكاتب على حد سواء، للاستمرار في العطاء الثقافي والإبداعي، يقول سليمان: لقد توقفت بعض المبادرات، التي كانت تساعد الكاتب الإماراتي، من خلال اقتناء عدد من مؤلفاته، وهو أيضا ما بات مفقوداً بالنسبة لإصدارات دور النشر المحلية، وأتمنى أن تعود مثل هذه المبادرات لتعمل على تنشيط الحراك الثقافي ودعم الكتاب المحلي.

 ويصف سليمان حال اتحاد الكتاب بالقول: يحتاج اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، إلى دعم مالي سنوي منتظم لكي يستمر في مزاولة نشاطه الإبداعي، وهو يتمنى على مجلس إدارته الحالية أن تبذل كل مساعيها من أجل إلى هذا الدعم، وأن تسند هذه المهمة لجهة ثقافية مسؤولة. ويشير سليمان إلى ضرورة أن يتضمن منهاج وزارة التربية والتعليم لعدد من النماذج الإبداعية في القصة والشعر لكتاب إماراتيين، وهو يثني على هذه الخطوة، التي يرى أنها تحتاج إلى تفعيل أكبر، كأن تقوم بعض اللجان المشتركة في الوزارة واتحاد الكتاب بانتقاء عدد أكبر من الإسهامات الثقافية للكتاب المحليين الجدد ويقول: كثيرة هي النماذج الأدبية الجديدة التي تستحق أن تكون موجودة في المنهاج المدرسي، وهو الذي سيعرف الجيل الجديد بالإبداع المحلي وآفاق تطوره بين الكلاسيكية والحداثة وما فيهما من صياغات فنية وفكرية لا يستهان بها.

ويستعيد سليمان بهذه المناسبة موضوعاً شخصياً حين قام الناقد والأديب السوري الراحل محمد محيي الدين مينو، وقد كان مشرفا على اختيار النصوص الأدبية لتضمينها في منهاج الوزارة، باختيار قصة قصيرة لسليمان بعنوان (ليلام) لكن هذه الخطوة لم تستكمل، بوفاة محيي الدين.

 غياب

ينتقد سليمان الصحافة الثقافية المحلية التي كانت في السابق تفرد مساحات لا بأس بها من النتاج الأدبي الإماراتي من قصة وشعر ومقاطع روائية، ويقول: لقد أسهمت الصحافة الثقافية المحلية فيما مضى بالتعريف بالكاتب الإماراتي الذي ظل حضوره نشطاً في هذه الملاحق، التي اختفت كلياً، وهو يتمنى أن تبادر الإدارات الثقافية في هذه الصحف لاستعادة مثل هذا الوهج الإبداعي وأن يكون الأديب الإماراتي مقروءاً من قبل كافة شرائح المجتمع المحلي.

جريدة الخليج