تشابُهْ – بقلم ابراهيم مبارك

ابراهيم-مبارك

في عالم البحار والحياة البحرية، الكثير من العجائب والغرائب، حياة زاخرة بأنواع المخلوقات العجيبة والغريبة الأشكال والأنواع والألوان. في جزء من حياة البحر شيء يشبه الحياة اليومية للمخلوق البشري، الإنسان، وكما هي حياة الماء برقتها وعذوبتها، جمالها وتنوعاتها في الأعماق والسواحل والشطآن المختلفة، كذلك هم البشر.
ومن أجمل الأحياء البحرية، تلك الأسماك الملونة الصغيرة التي تبعث على الحب والفرح والسرور كلما شاهدتها أو تأملت حركتها في الماء، وربما يأتي الدولفين (الدغس) كواحد من أروع الأسماك المسالمة المحبة للحياة والناس، حيث تشتهر في الخليج العربي بأنها صانعة الفرح، لدرجة أنها ترافق المبحرين في زوارقهم أو سفنهم مسافات طويلة، مقدمة لهم عروضها البهلوانية من قفزات فوق سطح البحر إلى تحدي سير الزورق، مقتربةً إلى حد أن يراها البحارة وتفاصيلها، وقد تقدم صيحات جميلة، وربما هي تحية وسلام ونشيد للناس والترحيب بهم في الماء، وهذه الصورة الجميلة المحببة الوديعة، التي لا تخرج إلا من جمال داخلي وحب للحياة، يمثلها بعض البشر والناس الذين يقدمون التحية والحب والسلام للذين يعرفونهم أو لا يعرفونهم، تشاهد الصفاء والود والجمال في طريقة سيرهم وتحياتهم وتقديرهم للآخرين.
الجمال الداخلي يسكن النفوس الهادئة المطمئنة المحبة للحياة، التي لا تمثلها ملابسها أو هيئتها أو ما ترتدي وتملك. إنها هبة من الله وصفاء في السريرة مثل فيء شجرة وافرة الظلال، سنديانة أو غافة أو سدرة عظيمة.
بعض البشر مثل (الفقل) أو (العنّزة) أي سمكة البالون، تلك السمكة القبيحة وارمة ومنتفخة على لا شيء. تسير مثل علق البحر الطافي في الماء/‏ البحر يحمله التيار أينما اتجه، سمكة (الفقل) أو (العنزة) تكون كذلك عندما تنفخ بألوانها لتظهر أنها كبيرة وعظيمة، ولكن ذلك الانتفاخ لا يجعلها تسبح مثل الأسماك التي تسبح بانسيابية وخفة.
مر ذلك الذي يشبه تلك السمكة وحالتها مرتدياً كل شيء لديه، فاتحاً شراعاً كبيراً فوق رأسه يحزمه عقال أسود استقر مثل طوق يحرس انتفاخ الشراع. نظر للناس بطرف عين ثم أخذ طريقه مثل (فقل) يسبح. تماماً تتشابه المخلوقات وإن اختلف جنسها وربما في طباعها، لهذا يُقال للبشر أو يطلق عليهم صفات بعض الأحياء أو الحيوانات الأخرى، يُقال فلان ذئب، وهذا أسد، أو ثعلب أو نمر، بل حتى يُقال للبعض فلان دجاجة، أما في عالم البحار فإنهم يقولون للبعض فلان هامور أو جرجور. الحياة مدرسة تعلمنا كل يوم الجديد لنضيفه لما تعلمناه من قبل، البشر في الحياة تماماً مثل أعماق البحر!!

جريدة الاتحاد