أَيا عَجَبَ الدُنيا لِعَينٍ تَعَجَّبَت – شعر أبو العتاهية

أَيا عَجَبَ الدُنيا لِعَينٍ تَعَجَّبَت

وَيا زَهرَةَ الأَيّامِ كَيفَ تَقَلَّبَت

تُقَلِّبُني الأَيّامُ عَوداً وَبَدأَةً

تَصَعَّدَتِ الأَيّامُ لي وَتَصَوَّبَت

وَعاتَبتُ أَيّامي عَلى ما تَروعُني

فَلَم أَرَ أَيّامي مِنَ الرَوعِ أَعتَبَت

سَأَنعي إِلى الناسِ الشَبابَ الَّذي مَضى

تَخَرَّمَتِ الدُنيا الشَبابَ وَشَيَّبَت

وَلي غايَةٌ يَجري إِلَيها تَنَفُّسي

إِذا ما انقَضَت تَنفيسَةٌ لي تَقَرَّبَت

وَتُضرَبُ لي الأَمثالُ في كُلِّ نَظرَةٍ

وَقَد حَنَّكَتني الحادِثاتُ وَجَرَّبَت

تَطَرَّبُ نَفسي نَحوَ دُنيا دَنِيَّةٍ

إِلى أَيِّ دارٍ وَيحَ نَفسي تَطَرَّبَت

وَأُحضِرَتِ الشُحَّ النُفوسُ فَكُلُّها

إِذا هِيَ هَمَّت بِالسَماحِ تَجَنَّبَت

لَقَد غَرَّتِ الدُنيا قُروناً كَثيرَةً

وَأَتعَبَتِ الدُنيا قُروناً وَأَنصَبَت

هِيَ الدارُ حادي المَوتِ يَحدو بِأَهلِها

إِذا شَرَّقَت شَمسُ النَهارِ وَغَرَّبَت

بُليتُ مِنَ الدُنيا بِغولٍ تَلَوَّنَت

لَها فِتَنٌ قَد فَضَّضَتها وَذَهَّبَت

وَما أَعجَبَ الآجالَ في خُدَعاتِها

وَما أَعجَبَ الأَرزاقَ كَيفَ تَسَبَّبَت

رَأَيتُ بَغيضَ الناسِ مَن لا يُحِبُّهُم

يَفوزُ بِحُبِّ الناسِ نَفسٌ تَحَبَّبَت

 

أبو العتاهية (747 ـ 826) م