كآبة تلفزيونية – بقلم محمد يوسف

662018

لست ضد المسلسلات، فلا يلصق بي أحد التهم الجاهزة التي توزع مجاناً هذه الأيام، لقد قلت يوم أمس إنني توقفت عن متابعة «الكآبة التلفزيونية»، وهي بحق كذلك، والبركة في سيدة الشاشة الخليجية، فقد تخصصت في تحويل بيوتنا إلى مجالس حزن نتيجة كم «البلاوي» التي تلصقها بالبيت الخليجي، ومعها رفيقة الدرب «أيام الونس» التي تلف وتدور حول الخيانات الأسرية وتعاطي المخدرات وانحراف الأبناء، فقد شبعنا «لطماً» على الخدود، يكفينا ما نراه في نشرات الأخبار، ولهذا لن نذهب ونحن في كامل قوانا العقلية إلى «بكائيات» مصطنعة تؤذي مشاعرنا.

لست ضد المسلسلات والترفيه عن النفس في كل الأشهر والأيام، وليس في شهر رمضان فقط، ولكنّ عملاً واحداً لممثلة تمنح الجوائز كما سمعت يكفي ليشحن النفس بالإحباط قبل وبعد الإفطار والسحور، ففي الشرق كمٌ هائل من المسلسلات، وهذه البطلة إما مسجونة، وإما تبحث عن انتقام، وإما تكون قد تعرضت للخيانة، وطوال الشهر وهي تبكي، بخلاف الأخرى «الطويلة» التي تظن أنها شبيهة «مارلين مونرو»، فتلك وحدها تشكل أزمة لكل من يتابعها، ولا ندري من ضحك عليها لتتجه إلى «العقد النفسية» بعد أن كانت شخصية «المعلمة» أيام «عبد الغفور البرعي» لائقة عليها، وحققت الشهرة من خلالها، ولن أتحدث بإسهاب عن الفاشلين الذين لا يجدون عملاً يستحق الجهد والمال والإبداع، بل إنهم لا يريدون أن يتعبوا أنفسهم، فيذهبون إلى «الصعيد»، صعيد مصر، ويجترون قصة الثأر والعداء والقتل في الخفاء، وكأن الموت هو محصلة ذلك الإقليم عبر الأزمان، ويتجاهلون الدور التاريخي للصعيد ورجالاته.

لست ضد المسلسلات ولكنني لن أتقبل اليوم عملاً يتحدث عن «حارة شامية» والشام تحترق، فما كان لافتاً ومشوقاً أيام الرفاه يكون «شاذاً» ومنكراً أيام الشقاء.

هذا الذي يعرض علينا في رمضان ليس أعمالاً فنية، أطلقوا عليها أي اسم إلا ذلك الاسم، فالفن عندما يكون هدفه التواجد وسد فراغات القنوات التلفزيونية يفقد قيمته ومعناه وهدفه، فالجميع أصبحوا يتعاملون في شهر رمضان على أنه فرصة ثراء، فالميزانيات المرصودة كبيرة، والكل يريد عملاً حصرياً، ولا يهم المحتوى بقدر ما يهم كم الأسماء التي تزين المسلسل، ولا ننسى الأشكال، فهي المطلب الأكثر أهمية.