اريقي على ساعدي الدموع  – شعر بدر شاكر السياب

اريقي على ساعدي الدموع   

وشدي على صدري المتعب

فهيهات ألا أجوب الظلام      

بعيدا إلى ذلك الغيهب

فلا تهمسي / غاب نجم السماء

ففي الليل أكثر من كوكب

**

وهل كان حلم بغير انتهاء     

و هل كان لحن بلا آخر ؟

لكي تحسبي أن هذا الغرام     

أبيد الرؤى … خالد الحاضر

و أنا سنبقى نعد السنين        

مواعيد في ظله الدائر ؟

**

على مقلتيك ارتماء عميق     

و ذكرى مساء تقول ارجع!

نداء بعيد الصدى كالنجوم     

يراها حبيبان في مخدع !

يكاد اشتياقي يهز الحجاب     

و تومي ذراعي : هيا معي!!

**

 

سأمضي … فلا تحلمي بالإياب           

على وقع اقدامي النائية

و لا تتبعيني إذا ما التفت      

ورائي إلى الشمعة الخابية

يرنحها في يديك النحيب       

فتهتز من خلفك الرابية

**

 

ستنسين هذا الجبين الحزين   

كما انحلت الغيمة الشاردة

وغابت كحلم وراء التلال      

بعيداً.. سوى قطرة جامدة

ستنثرها الريح عما قليل

وتشربها التربة الباردة

**

 

ورب اكتئاب يسيل الغروب    

على صمته الشاحب الساهم

وأغنية في سكون الطريق     

تلاشت على هدأة العالم

أثارا صدى تهمس الذكريات   

إذا ماانتهى همسة الحالم

**

 

غداً.. حين يبلى وراء الزجاج 

كتاب عليه اسمي الذابل

و تنفض كفاك عنه الغبار       و يخلو بك المخدع القاحل

سيلقاك وجهي خلال السطور  كما يسطع الكوكب الآفل

**

 

إذا ما قرأن اللقاء الاخير       

تمنيت, في غفلة هاربة

لو استرجعت قبضتاك السنين 

لو استرجعت ليلة ذاهبة!

و لكن شيئاً حواه الجدار       

تحدى أمانيك الكاذبة

**

 

تلفت عن غير قصد هناك      

فأبصرت.. بالانتحار الخيال!

حروفا من النار..ماذا تقول ؟ 

لقد مر ركب السنين الثقال

وقد باح تقويمهن الحزين     

بأن اللقاء المرجى..محال!!

 

بدر شاكر السياب

 شاعر عراقي (1926 ـ 1964)