في ليلة مجنونة الإعصار، ثائرة مثيرة – شعر فدوى طوقان

في ليلة مجنونة الإعصار، ثائرة مثيرة

تتراقص الأشباح فيها خلف نافذتي الصغيرة

ألقيت فوق وسادتي آلام روحٍ مثقلٍ

مصدومة شاردة أقلب في الظلام كتاب عمري

صور ، وأطياف كئيبات ، تلوّن كل سطر

فهنا خيال شاحب لم ترحم الدنيا ذبوله

هذا خيال طفولة لم تدر ما مرح الطفولة

وهنا صباّ عضّت عليه قيود سجنٍ واضطهاد

باكٍ ، ذوت أيامه خلف انطواء وانفراد . .

وهنا شباب ما يزال يجوس قفراً بعد قفر

متحرّق أبدا إلى شيء . . إلى ما لست أدري ! . .

تغدوه فوق دخانها متعطشاً يقفو السرابا

أحلامه الحيرى معلقّة بأفلاك الغيوم

ستظل أحلاماً عطاشى ، تائهات في السديم

وهناك عن قمم النزوع ؛ هناك عن قمم الطموح

دنيا منىً ، وبروج آمال تهاوت للسفوح . .

وتململت بقفار قلبي ، في فراغ توحدّي

نفسٌ تسائل نفسها في حيرة وتردّد :

لم جئت للدنيا ؟ أجئت لغاية هي فوق ظني ؟

املأت في الدنيا فراغا خافياً في الغيب عني ؟

أيحس هذا الكون نقصاً حينما أخلي مكاني ؟!

وأروح لم أخلف ورائي فيه جزءاً من كياني؟!

إن كان غيري في وجودهم امتداد للوجود

صورٌ ستبقى منهم يحيون فيها من جديد . .

فانا سأمضي ، لم أصب هدفاً ولا حققّت غاية !

عمر نهايته خواء فارغ . . مثل البداية !

هذي حياتي ، خيبة وتمزّقٌ يجتاح ذاتي

هذي حياتي ، فيم أحياها ؟ وما معنى حياتي؟!

فدوى طوقان شاعرة فلسطينية

(1917 – 2003م)