الضائع من معاني مكبث بين جبرا ومطران – بقلم صلاح نيازي

sahrtaha-Recovered-Recovered-Recovered-Recovered
الصدى في مسرحية مكبث هو الثيمة، وقد تكون صدى لصوت، أو قد تكون لونا، يتكرر ويتكرر. إنه مثل البذرة التي تلد شجرة ومثل الشجرة التي تلد بذرة.

تبلغ تقنيات شيكسبير، أقصى نضجها، في الفصل الخامس من مسرحية مكبث. هنا تقام القيامة الدنياوية على مكبث، وهي أعتى قيامة من الأخرى وأشرس، حيث لكلّ حاسة من حواسّه الخمس جحيمها الخاص. تتعذب كلاًّ على حدة.

المستقبل الذي أراد مكبث أن يصيده بشبكة، عاد عليه فصاده بأغرب طريقة. أرته الساحرات بالمرآة مستقبله فجحظتْ عيناه. حتى الحركة في هذا الفصل بدت ثابتة Stationary في مكان واحد، كدبّ الرهان المربوط بوتد، وتنهشه الكلاب. راح مكبث يصيح: “لا مهرب من هذا المكان، ولا مكوث / بدأتُ أتعب من شمس الحياة”. حتى الطبيب عاجز عن إيجاد علاج لليدي مكبث ولاسكتلندا.

هنا في هذا الفصل تكمل البذور وتستوي غابة تتحرّك. الألوان كأنها امتلأت بشياتها لدرجة النضّ والآنفلاع. الأبيض استحال إلى وحش مفترس، والأحمر تفصّد حتى أصبح الكسوة الوحيدة التي يرتديها القتلى. الأصداء ترتطم ببعضها بعضاً وكأنها تشتجر. الدم، حتى الدم، إنْ سفح خارج الجسد، أصبح أعمق رمزاً، وأهمية من الدم الساري في الأوردة والشرايين. (سنعالج في مقالة لاحقة، الدم وما هي رموزه في تضاعيف مسرحية مكبث، ولماذا أخطأ المترجمون في فهمه)

اللغة في هذا الفصل مكتوبة باللهثة والفحّة والشهيق. الجمل بدتْ مستوفزة. تتقلص كما تتقلص عضلات الحيوانات المفترسة قبل الانقضاض. كذلك، تسيّد فيها فعل الأمر. فعل الأمر استوى على عرش القول. الغريب أن صيغة المفرد حلّت محلّ صيغة الجمع، كسفينة جانحة. كل فرد مسؤول عن مصيره. مكبث بهذا المعنى فرد، مجرد فرد عاديّ، مسؤول عن مصيره، وعلى رأسه تاج عقيم.

ساعتئذ ٍ برزت في هذه الحومة، تقنيتا الصدى كمفهوم  Concept واللون كمفهوم، من بين أهمّ التقنيات الشيكسبيرية المفقودة في ترجمات مكبث العربية. نجمت عن ذلك ترجمات أدبية خاضعة للذوق الشخصي والقاموس، وبعيدة عن توابل النصّ البلاغية، ولذعاتها. المقصود بالصدى في مسرحية مكبث هو الثيمة، وقد تكون صدى لصوت، او قد تكون لونا، يتكرر ويتكرر، وقد تكون مفهوماً يظلّ جارياً في أثناء المسرحية وإنْ اتخذ صيغاً مختلفة. إنه مثل البذرة التي تلد شجرة ومثل الشجرة التي تلد بذرة. نسل لا ينقطع ولكنه يتخذ دلالات مختلفة.

بهذا تكون المسرحية متناسجة كعمل عضوي موحّد. كالجسد “يشدّ أزر بعضه بعضاً”، أو “كالبنيان المرصوص”. وحتى نكون على بينة من أمرنا، سنقدم بعض الأمثلة التي يجتمع فيها اللون والصدى وكيف تعامل معهما مطران خليل مطران وجبرا إبراهيم جبرا. المثال الأوّل، نرى مكبث في المشهد الثالث-الفصل الخامس، رغم ما اعترته من هواجس محبطة إلّا أنه لمّا يزلْ يؤمن بتعويذتيْ الساحرات، أيْ ما من أحد ولدته آمرأة بقادر على قتله، وإلاّ إذا تحرّكتْ غابة بيرنام إلى دنسينان. (يكتبها مطران دنيستان وما من اعتراض، أو تنويه في الأقلّ) في هذه الأثناء يدخل الخادم، ويدور بينهما الحوار التالي: حسب ترجمة خليل مطران:

الليدي ماكبث في رسم مسرحي يعود إلى القرن التاسع عشر
الليدي ماكبث في رسم مسرحي يعود إلى القرن التاسع عشر

“مكبث: (مواصلاً): هبلك الشيطان، وسوّد وجهك، ما الذي نقع وجهك بهذا الاصفرار، وصيّرك أبله كالإوزة.

الخادم: عشرة آلاف.

مكبث: من أفراخ الطير؟

الخادم: من الجنود يا مولاي.

مكبث: إذهب فافرك وجهك، واستعد حمرتك التي هرّبتها يا رعديد، أي الجنود يا صعلوك؟ هلكتْ نفسك إن رؤية خديك الممتقعين لتجلب الرعب، أيّ الجنود يا وجه اللبن المعصفر؟ّ”

لا يعدم مَنْ يقرأ الاقتباس أعلاه، أن يرى أنّه نصّ أدبي عربي بكل كوامخه. فهو بالإضافة إلى كونه أسلوباً يعاني من فُهاق ومن فتورMediocrity  لا علاقة له بشيكسبير أو بالأخص بمكبث.

قبل كل شيء، يقول مطران على لسان مكبث: “وصيّرك أبله كالإوزة”. ولكنْ ما من بلاهة في النص. الكلمة في النص الإنكليزي هي: loon وفيها جنون. ولكن المسألة ليست انتقاء صدافاً أو جزافاً لأحد المعاني كما فعل مطران وجبرا. وإنما يجب أن يقرّرها السياق، أو القرينة. لقد رأينا من قبل كيف جُنّت الليدي مكبث، وكيف أن الطبيب ظلّ يشكك في طبه، وكيف أن مكبث بات على أكثر من حافة جنون، لذا من الأفضل ترجمتها بـ: يا مجنون، وثانيا من قال إنّ الإوزّة بلهاء؟ (راجع رمز الإوزة في الديانة المسيحية- غوغل). ثمّ كيف تغيّرت الإوز إلى فراخ الطير؟ الإوزة عند شيكسبير مصطلح، لا يمكن ترجمته إلى “فراخ الطير”.

لا ريب فاتت مطران وكذلك جبرا (كما سنرى لاحقاً) تقنيتا الصدى واللون في المقطع أعلاه. فالإوزة التي أشار إليها مكبث تفيد معنييْن: الصدى واللون الأبيض.

قبل كلّ شيء كان تعبيرGoose  أيام شيكسبير يعني باللهجة العامية: المومس. كما يعني: تورّماً ناجماً عن مرض تناسلي. بالإضافة كانت المكواة تسمّى الإوزّة لتشابه شكليْهما. (ثمة تفاصيل مفيدة عن الإوز يشير إليها ميور.. في الفصل الثاني- المشهد الثالث- الهامش 15 وكذلك الفصل الخامس – المشهد الثالث -الهامش 12).

لو عدنا إلى الفصل الثاني- المشهد الثالث سنرى عموماً أنّ الجحيم الذي يخبر عنه البواب المخمور أشبه بقلعة مكبث، وكأنها الجحيم، وما القرع المتوالي على الباب إلاّ الهجمات، ومكبث على حافة التمزّق فالجنون. (في جحيم البواب يرد ذكر الخياط ، وهو ذكر غير حميد، مع مكواته أيGoose ) أكثر من ذلك حين يقول الخادم: “عشرة آلاف” يجيب مكبث، حسب مطران: “أمن فراخ الطير؟” هنا تحمض الترجمة وتمذق، فمكبث لم يكن يستفسر من خادمه، ولم يقلْ فراخ الطير. إنما كان يسخر من الجنود وقد شبههم بالإوز.

لم يظهر في المقطع الذي اقتبسناه من مطران، أعلاه، ولا في ترجمة جبرا، أيّ ذكر للون الأبيض الذي أخذ بالتوحش فالافتراس. ذكر مطران الاصفرار بدلاً عن البياض، ولكن الاصفرار كلمة أدبية عامة وليست اصطلاحية كالبياض، كما سنرى.

يقول مكبث لخادمه وفقا لترجمة مطران: “إذهبْ فافرك وجهك، واستعد حمرتك التي هرّبتها يا رعديد/أيّ الجنود يا صعلوك/هلكتْ نفسك إن رؤية خديك الممتقعين لتجلب الرعب، أي الجنود يا وجه اللبن المعصفر”. قبل كل شيء استعمل شيكسبير كلمة Prick  أيْ خِزْ (من وخز) فكيف تُرجمتْ إلى افركْ. ظهور الدم على الجلد من أهم الرموز السيكولوجية عند شيكسبير، فكيف خطرت ببال مطران الفرك بدلاً عن ذلك؟

تقول روما جلْ: “لوّنْ وجهك المبيض بحمرة الدم من الوخزات”. الوخز هو أيضاً صدى للطعن المتفشي في المسرحية. أمّا جملة “إن رؤية خديك الممتقعين لتجلب الرعب، أي الجنود يا وجه اللبن المعصفر”، فتأليف عربي بائس أكثر منه ترجمة. هتْر من الكلام. أوّلا الخدان الممتقعان لم يكونا ممتقعين، وإنما بالعكس كانت خلاياهما الحمر قد آنخطفت، أو قد نشفت فأصبحتا بلون الكتّان الأبيض. (ها تقترب الصورة من الكفن ولونه) ثانيا فإنّ جملة: “لتجلب الرعب”، هنا بعيدة عن الصواب. فمكبث كان يخاف من الخوف، (الخوف من الخوف أشدّ درجات الخوف).

أوصى مكبث خادمه سيتون (الفصل الخامس-المشهد الثالث) أن: “يطوفوا بالبلد/ ويشنقوا أولائك الذين يتحدثون عن الخوف”. رأى مكبث في هذه المرحلة أن الخوف معدٍ يؤدي إلى التخاذل. أكثر من ذلك فتعبير: “يا وجه اللبن المعصفر”، هكذا جاءت الترجمة حرفياً، بعيدة عن الصواب. التشبيه كما في النصّ الإنكليزي هو whey-face  أي مصل الحليب. أي أن لون الوجه بات بلون مصل الحليب.

لنتوقفْ قليلاً عند المقطع الثاني، من هذا الحوار، وفيه يخاطب مكبث خادمه الأمين سيتون، ويتحدث إليه، إلاّ أنّ سيتون غير موجود. كان مكبث وحيداً في الغرفة. أليس في هذا المشهد صدى لما كانت الليدي مكبث تدلق من هذيانات. هذه علامة أخرى على أنّ مكبث كان مشوّش الفكر. قال مكبث: “لقد عشتُ طويلاً: إنّ سياق حياتي ينهار/مثل ورقة صفراء ذابلة”. كذا إذن بدأت صيغة المفرد، تتغلّب نفسانيّاً على صيغة الجمع. إلاّ أن مطران ترجمها كالتالي: “حلّ الخريف محلّ الربيعً”، وهي جملة روانية سردية لا طعم فنيّا لها. إنها أشبه ما تكون بإنشاء مدرسي ساذج، خالٍ من أية لسعة أو لذعة، إذْ ليس في توالي الفصول بدعة أو مفاجأة. بينما سقوط ورقة واحدة، إنذار مخيف غامض لما سيأتي بعد ذلك.

أما جبرا فلم يلتفتْ هو أيضاً إلى ما لصيغة المفرد من أهمية سايكولوجية، لاسيّما بهذا التوقيت، فترجمها كالتالي: “طريق حياتي/ يهبط إلى الذبول: إلى اصفرار أوراق الشجر”، فغيّر صيغة المفرد إلى صيغة الجمع. كذا أصبحت الورقة الواحدة التي هي بمثابة مرآة لحالة مكبث الفردية إلى أوراق شجر، فتحوّلتْ الصورة إلى ظاهرة طبيعية متوقعة بعد أنْ كانت استعارة مضنية، مشحونة بالمفاجأة.

مسرحية مكبث متناسجة كعمل عضوي موحّد
مسرحية مكبث متناسجة كعمل عضوي موحّد

 أغرب من ذلك ترجم مطران قول مكبث: “I say  Seyton : أي: إسمع يا سيتون إلى: “ويْك سيتون”.

(أنظر التعليق على ويك في الهامش)

يقول مكبث بعد ذلك:

This push

Will cheer me ever, or deseat me now…’

المعنى: إنّ هذه الأزمة إمّا تبهجني إلى الأبد، أو تزيحني عن العرش الآن. ذلك أنّ كلمة Cheer  كانت تلفظ في العصر الأليزابيثي Chair ، إذن فالأزمة التي أشار إليها مكبث  هي إما أن تثبته على كرسي العرش أو تزيحه عنه الآن.

إلا أن مطران ترجمها:

“ؤيك سيتون

 اليوم سرور أم ثبور؟”

كذا وضع مطران علامة استفهام وكأن مكبث يسأل سيتون، هل اليوم سرور أم ثبور؟

ولكن من أين جاء مطران بهذه الكلمة “­­­­­­­­­­­­­­­­­ويك”؟ أولاً إنها غير موجودة في النص الإنكليزي. ثانياً إنها كلمة عويصة مشينة في حوار مسرحي.

استغنى مطران كذلك عن ترجمة Now  وهي ذات مدلول خطير من حيث التوقيت.

من الطريف أن شروح Bernard Lott لهذا المقطع أكّدتْ على اللون الأبيض الناجم عن الخوف. يقول مثلاً في شرحه لـ: Cream-faced loon  : “اللون الأسود هو لون الشرّ، بيد أنه أيضاً هو عكس الأبيض لون الخوف”. ويقول في تفسير: Goose flesh إنه ليس أبيض فقط ولكن مثل قشعريرة الجلد الناجمة عن الخوف.

أما في تفسير: Lily- liver’d boy  فيقول: “كان يُعتقد أن الكبد هو المكان في الجسم البشري الذي تأتي منه الشجاعة. قال مكبث عن كبد الصبي Lily  (ملونة):” بيضاء. أيْ ما وجبتْ أن تكون حمراء بالشجاعة، باتت بيضاء بالخوف.

كان وجه خادم مكبث مبيضّاً من الخوف، فكيف ترجمها جبرا: {يا وغداً حليبي الوجه}. لكنْ هل حليبي الوجه صفة دالة على الخوف؟

قد يكون من المفيد أن نذكر أنّ كلمة Pale  التي تتردد في المسرحية تعني الشحوب، ولكنّ الشحوب لا يخلو من اللون الأبيض. جاء في قاموس أكسفورد في شرحه لمعنى كلمة Pale  إذا وُصفت بها ملامح الوجه فإن القسمات أقرب ما تكون إلى اللون الأبيض.

العجب كلّ العجب، أن ترجمة مطران وكذلك ترجمة جبرا خلتا من اللون الأبيض تماماً. وهذا دليل ملموس على أنهما لم يكونا معنييْن بتقنيات شيكسبير من ناحية، وأنهما تعاملا مع النص كجمل منفصلة وليس كوحدة عضوية.

قلنا إن من بين تقنيات شيكسبير المعجبة: الأصداء. فاللون الأبيض أعلاه، لم يكنْ وليد ساعته، وإنما هو صدى، لما قاله مكبث لليدي مكبث (الفصل الثالث -المشهد الرابع) باستغراب كيف أنها ترى مشاهد دموية مرعبة، ولكنّها مع ذلك تحتفظ بالياقوت الطبيعي في خدّيها، بينما: “خدّاي يبيضّان من الخوف”.

وفي الفصل الخامس-المشهد الأوّل كانت الليدي مكبث تهذي مخاطبة مكبث أثناء سرنمتها: “إغسل يديك، إلبسْ ثوب النوم، لا تبدُ شاحباً شحوباً كبيراً”.
ولإكمال الصورة لا بدّ من التوقف بعض وقت عند هذا المقطع، بترجمة جبرا، وكنت قد كتبت عنه سابقاً بعنوان “اللون الأبيض يفترس مكبث”. وهذا تلخيص لما جاء في تلك المقالة. لنقرأْ أوّلاً النصّ بترجمة جبرا:

“سخطك الشيطان عبداً أسود، يا وغداً حليبي الوجه/ من أين لك سحنة الإوزة هذه/

خادم ـــ هناك عشرة آلاف

مكبث: إوزة، يا نذل؟

خادم : جندي يا سيدي

مكبث: إذهبْ وخزْ وجهك، وموّه خوفك بالأحمر/ يا ولداً زنبقي الكبد، أيّ جنود يا مهرّج/ موتاً لروحك! خدّاك بلون الخام يلقنان الفزع، أيّ جنود، يا وجهاً من حليب”.

 قد لا يخلو سطر من الترجمة أعلاه من تحريف محبط.

كان وجه خادم مكبث مبيضّاً من الخوف، فكيف ترجمها جبرا: “يا وغداً حليبي الوجه”. لكنْ هل حليبي الوجه صفة دالة على الخوف؟ أمْ أنها صورة ترفية حسب هذه الترجمة الحرفية؟ وهل Cream  حليب؟ ولماذا أضاف عبداً، أيْ: “سخطك الشيطان عبداً أسود” كان شيكسبير يتعامل ربما لأول مرة في تأريخ الأدب مع الألوان كمجردات وليست كصفات، على الرغم من قلة الألوان عند شيكسبير كما تذكر Caroline Spurgeon.

من أين جاء المترجم بـ “عبداً”.

يطلب مكبث من خادمه أن يخز وجهه ليجعل بياضه أحمر بالدم المتفصد، إلاّ أن جبرا ترجمها: “وموّه خوفك بالأحمر”. الوخز كما قلنا أعلاه صدى للطعن والنزف اللذين يشيعان في المسرحية.

اللغة في مسرحية مكبث مكتوبة باللهثة والفحّة والشهيق
اللغة في مسرحية مكبث مكتوبة باللهثة والفحّة والشهيق

ترجم جبرا كذلك تعبير Lily-liver’d  : ياولداً زنبقي الكبد. غريب، هل هذا تعبير ينبئ عن خوف، حقّاً؟  أم أنه أقرب إلى الحبّ والغزل؟ وترجم: “يا وجهاً بلون مصل الحليب Whey-face بـ”يا وجهاً من لبن”. تقول Roma Gill تعني Whey: السائل الرقيق الأبيض الذي يبقى عندما يتخثر الحليب”.

على أية حال، ربما بهذا البياض المرتعب، والصفرة المنهكة المتوشلة تأثر الرسام الإنكليزي تيرنر Turner  فرسم أشهر لوحاته عن الموت في شيخوخته، وكأنّ اللونين فقدا كلّ قدرة على النبض، أو الحركة أو اللمعان. باتا لونين مفروشين بآستسلام  وأنفاسهما مقطوعة.

حاشية: هكذا ترجم مطران تعبير I say  : أي إسمعْ: إلى ويك. إذن لم يكن ميخائيل نعيمة متجنياً حينما سخر من الكلمات الحوشية التي يستعملها مطران. تساءل نعيمة: هل يطلب مطران من الحضور أن يجلبوا معهم قواميس إلى المسرح لفك طلاسم بعض الكلمات؟

أغرب من ذلك أن الطبيب قال حينما رأى الليدي مكبث تهذي وتتأوّه وهي تسير في نومها: ياله من تنهّد! إنّ على قلبها لوِقراً كبيراً”.

فتقول الوصيفة: أبى الله أن أرضى بقلب كهذا في صدري، ولو أوتيت كل عظائم الملك”.

ثم يقول الطبيب متنبئاً بموت الليدي مكبث: “أمّا هذه (أي الليدي مكبث) فكيف تموت؟ لا أدري. ولكنّ أجلها غير بعيد، بل أقرب إليها من حبل الوريد”. (هنا يتناقض الطبيب مع نفسه فبينما هو لا يدري إلا أنه يتنبأ بموتها، وهذا التنبؤ غير موجود في النص الإنكليزي أصلاً وإنما هو حشو من مطران)

يا لله هكذا جعل مطران كلا الطبيب والوصيفة يتحدثان بلغة دينية فخمة وكأنهما آهتديا إلى الإسلام.

صحيفة العرب