صالحة غابش: خيال وثقافة الشاعر منطلقة لكتابة القصيدة

مسيرتها حافلة بالشعر والرواية والقصص، الكاتبة والشاعرة الإماراتية صالحة غابش، صاحبة إرث ثقافي ثري أغنت به المكتبات والقرّاء، وصل إلى 30 كتاباً حتى الآن إلى أن بات لها دار نشر خاصة بها، وأكدت صالحة غابش لـ«البيان»، أن خيال وثقافة الشاعر منطلقة لكتابة القصيدة.

وقالت: إن الشعر مجموعة أشياء يمكن وصفها في صيغة كلمات ثرية المحتوى كاللغة، والأمكنة، والرؤى، وكذلك الزمان والخيال وثقافة الشاعر وغيرها، وهناك أشياء إن صح التعبير- تخصّ الشاعر تعتبر منطلقة لكتابة القصيدة، يرسمها رسماً في إطار غير مرئي لغيره، إذ يبقى محتوى هذا الإطار هو الظاهر أمام المتلقين من متذوقي الشعر، أما ما حولها فيظل يبعث النبض فيها كلما قرئت، قد يكون النبض ضعيفاً أحياناً، ولكنه يقوى مع الوقت، وإذا لم يقوَ يبقى تجربة كان لا بد من كتابتها نصاً شعرياً.

وتابعت: أتذكر قصيدة كتبتها وكنت ربما أعدّها غير ذات تأثير في تجربتي، ولكنني كتبتها وضمنتها ديواني «الآن عرفت» ففوجئت بأحد الإخوة الشعراء يحدثني عنها ويمثلها أيضاً بحركات عفوية جعلها ترقى في نظري على الأقل، وكلما مررت عليها تذكرت الشاعر الذي جعل نبضها أقوى مما توقعت.

بدايات

وعن بدايات مسيرتها الإبداعية تقول: ليست هناك صعوبات تُذكر، كنت أقول دائماً إن الكرة في ملعب المرأة، هي من تصنع بصمتها الإبداعية التي تعتز بها وتفخر بها أسرتها ومجتمعها، فالصعوبات دائماً محصورة في موقف الأسرة والأهل تجاه ابنتها التي تكتب، لذلك وقبل هذه الفترة درجت الأسماء غير الصريحة التي توقع بها النصوص والتي تكتبها المرأة وتنشرها، ولكنها انحسرت انحساراً شديداً حتى أن من كانت تكتب باسم غير صريح أعلنت ذلك كاشفة عن اسمها الصريح، صعوبات هشّة ما لبثت أن غادرتنا، اليوم نرى الأب والأخ والزوج يحضرون تكريم المرأة وحفل فوزها بجائزتها وبكل فخر.
أما عن بداياتي فقد ضمنت بعضاً منها مما رأيت أنه يصلح للنشر في ديواني الأول «بانتظار الشمس» الذي صدر عام 1992م عن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وسعدت بالقراءات النقدية التي حظيت بها المجموعة، تلك القراءات التي نفتقدها اليوم في الصحافة الثقافية، فهي لا تخلو من ذكر الملاحظات على التجربة والتي يمكن أن يستفيد منها الشاعر في نصوصه القادمة، كان الديوان يتضمن قصائد عمودية وقصائد التفعيلة، وكنت حينها لا أرى في القصيدة العربية هويتها إلا بالأوزان الخليلية والقوافي، بعد خمس سنوات صدر ديواني الثاني «المرايا ليست هي» وتضمّن نصوصاً «نثرية» أردتُ أن أتحدّى ذاتي بها وإن كنت ما زلت أرى أن رداء القصيدة العربية الخاص بها والذي يجعلها منفردة هو الوزن والقافية.

تجربة

وعن تجربتها الأدبية «رائحة الزنجبيل» تقول صالحة غابش: «رائحة الزنجبيل» أعادتني إلى بداياتي في التجربة الكتابية لأنني بدأت ككاتبة للقصة القصيرة، وكنت قبل أن أتجه إلى الشعر كتبت ثلاث قصص قصيرة هي: «وهدأت العاصفة» كنت طالبة في الثانوية ونشرت في مجلة المدرسة، و«أوراق زاهية» فازت بجائزة ونشرت في مجلة الأزمنة العربية، وقصيدة «أحلام طفلة» التي ضمنت كتاب «كلنا نحب البحر» الصادر عن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، إضافة إلى قصة طويلة وربما رواية قصيرة لم تُنشر ثم انعطفت لكتابة الشعر فجأة لا أعلم تماماً تلك اللحظة التي استدعتني إلى هذا الاتجاه، وبعد صدور أربعة دواوين شعرية كتبت الرواية، ولعل أحداثها كانت طاغية على أفكاري وظلّت هكذا إلى أن بدأت كتابتها، علماً بأن بعض القصائد في دواويني تعدّ قصصاً قصيرة مكثّفة في مشهد قصيدة.

ثراء الثقافة

وعن عوالم كتابة الرواية والقصة، تقول صالحة غابش: من تجربتي في كتابة الصنفين، لا أرى في الأمر تحوّلاً، هو النبع نفسه الذي يتفرّع إلى قنوات عذبة ويثريها من أساس عذوبته، أعتقد أن كل شاعر إذا أراد بإمكانه أن يتوسع في نصوصه، ويكتب أصنافاً أخرى كما أشرت سابقاً، وأرى في ذلك ثراءً للثقافة، خصوصاً إذا كانت التجربة ذاتها ثرية وجادة وليست مجرد تجديد لها أو إثبات القدرة على السير على ضفاف قناة أخرى، أو انتشار الاسم في أكثر من محفل أدبي متخصص.

وتابعت: لا شك أن بعض الوظائف تمد صاحب الكلمة بموضوعات ملهمة، خصوصاً إذا كانت في شؤون المجتمع، وما المجتمع سوى مجموعة إنسان، وكل إنسان له نبضه وحكاياته مع الحياة، فحين نتعامل عن قرب مع الناس وقصصهم وأحلامهم، وبعد الانتهاء من كتابة التقارير والرسائل العملية، نغلق النافذة علينا لنكتب شيئاً آخر، نصاً جميلاً من هموم الناس، من أحلامهم الجميلة ونجاحاتهم الحلوة.

صحيح أنني توقفت ما يقرب من سبع سنوات عن الكتابة الأدبية حين تقلدت منصب الأمين العام في المجلس، ولكنني عدت بكثير من الخبرات والمعارف والمعلومات التي يحتاجها النص الأدبي عن الحاضر والماضي، عن التاريخ والمستقبل، والإنسان المفعم بمشاعر لا حصر لها، وكان ضمن ممارساتنا العملية في المجلس الاعتناء «بالطفل»، هذا المخلوق الجميل الذي يحملنا على أجنحة البراءة ونكتشف معه بقايا براءتنا التي نكتب بها قصصه ومسرحياته.

كتابة مسرحيات

وأضافت: لقد بدأت بكتابة مسرحيات للطفل منذ أن كنت معلمة في إحدى المدارس الابتدائية، ثم أكملت الرحلة حين عملت في المجلس، ونظمنا ملتقى الشارقة للأطفال العرب الذي يفتتح بمسرحية تحمل عنوان شعار الدورة التي ينظم فيها، وما زلت أكتب المسرح حتى اليوم. وهذا مهّد الطريق لنشر كتب للأطفال واليافعين- قصصنا كانت أو غيرها- ومع مرور الوقت أنشأت دار نشر خاصة بي لنشر كتب الأطفال واليافعات اسمها «صديقات للنشر والتوزيع»، وكتبت واستكتبت كتّاباً للأطفال، وبلغ عدد مؤلفاتي للطفل أكثر من 30 كتاباً اليوم.

وعن آخر أعمالها الإبداعية تقول صالحة غابش: مؤخراً صدرت لي روايتي الثانية «أوراق الذاكرة» وتم توقيعها في معرض الشارقة الدولي للكتاب، كما أنني أعدّ كتاباً عن القيم الغائبة في عصرنا اليوم، وسبل استبقائها خاصة للأجيال القادمة التي تقوى بقيمها وأخلاقها كما تقوى بعلمها ومعارفها وبما تمارسه من استخدامات لوسائل التقنيات المختلفة في حياتنا.

صالحة غابش: خيال وثقافة الشاعر منطلقة لكتابة القصيدة
جريدة البيان