زمن أحمد سعيد – بقلم خيري منصور

9620182

أحيانا يكون التزامن بين أحداث في حياتنا دراماتيكياً، كأن يموت الإنسان في اليوم ذاته الذي ولد فيه، ورحيل الإعلامي العربي أحمد سعيد في ذكرى حرب حزيران تستوقفنا دلالاته، تماماً كما استوقفنا رحيل الزعيم عبد الناصر في ذكرى الانفصال بعد وحدة قصيرة بين مصر وسوريا . 
واحمد سعيد من جيل عربي عاش أهم الأحداث في القرن العشرين، فقد ولد عام 1925 بعد سبع سنوات فقط من ميلاد عبد الناصر، ولهذا الرجل الظاهرة له ما له وعليه ما عليه، شأن كل البشر خصوصاً من أنيطت بهم أدوار وطنية في زمن صعب. ورغم أن أعداء أحمد سعيد حوّلوه إلى أمثولة في الإعلام الصوتي ومنهم من ربط بينه وبين حقبة ساخنة في التاريخ العربي المعاصر، إلا أن الحكم بالجملة على الأشخاص به قدر كبير من التعسف والتجني . ففي خمسينات القرن الماضي كان المد القومي في ذروته، ولعبت القضية الفلسطينية في تلك الفترة دوراً كبيراً في استفزاز كل ما لدى العرب من احتياطيات قومية، لهذا كان عقداً فارقاً وفاصلاً، سواء في خطابه السياسي أو التيارات الثقافية والأدبية التي سادت فيه وامتدت إلى الستينات .
إن زمن أحمد سعيد هو زمن النصر والهزيمة معاً، فقد كان صوته الجهوري هو الأعلى في العدوان الثلاثي على مصر، وإن كانت حرب حزيران قد أصابته ومعظم أبناء جيله بالإحباط، لأن الحلم كان أعظم من القدرة على تحقيقه، والحكم على أي فرد أو حتى ظاهرة يجب أن لا يكون مطلقاً ومجرداً وبمعزل عن الظروف والبيئة الاجتماعية والسياسية التي أفرزته، فما يبدو لنا الآن رومانسياً ومفرطاً في الحماسة ، كان في زمنه متناغماً مع الإيقاع العام للمرحلة، والإعلامي الذي كان صوته هو الأعلى لعقدين من الزمن صمت نصف قرن لأن الزمن لم يعد زمنه !! 

جريدة الخليج