نَالَتْ عَلَى يَدِهَا – شعر الوأواء الدمشقي

نَالَتْ عَلَى يَدِهَا مَا لَـمْ تَنَلْـهُ يَـدِي 

نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَـدِي 

كَأنـهُ طَـرْقُ نَمْـلٍ فِـي أنَامِلِـهَا 

أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا السُّحْـبُ بالبَـرَدِ 

كأَنَّهَا خَشِيَـتْ مِنْ نَبْـلِ مُقْلَتِـهَا

 فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها دِرْعـاً مِـنَ الـزَّرَدِ 

مَدَّتْ مَواشِطَهَا فِي كَفِّـهَا شَرَكـاً

 تَصِيدُ قَلْبِي بِـهِ مِنْ دَاخِـلِ الجَسَـدِ 

وَقَوْسُ حَاجِبِـهَا مِنْ كُـلِّ نَاحِيَـةٍ

 وَنَبْلُ مُقْلَتِـهَا تَرْمِـي بِـهِ كَبِـدِي 

وَعَقْرَبُ الصُّدْغِ قَدْ بَانَتْ زُبانَتُهُ

 وَنَاعِسُ الطَّرْفِ يَقْظانٌ عَلى رَصَدي 

إِنْ كانَ في جُلَّنارِ الخَدِّ مِنْ عَجَبٍ

 فَالصَّدْرُ يَطْرَحُ رُمَّاناً لِمَنْ يَرِدِ 

وَخَصْرُهَا نَاحِلٌ مِثْلِـي عَلَى كَفَـلٍ

 مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكَى الأَحْزَانَ فِي الخَلَـدِ 

أُنْسِيَّةٌ لَوْ رَأتْهَا الشَّمْـسُ مَا طَلَعَـتْ 

مِنْ بَعْدِ رُؤيَتِهَا يَـوْماً عَلَـى أَحَـدِ 

سَأَلتُهَا الوَصْلَ قَالَـتْ لاتُغَـرَّ بِنَـا 

مَنْ رَامَ منَّا وِصَالاً مَـاتَ بالكَمَـدِ 

فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَـاتَ جَـوًى 

من الغَـرَامِ وَلَمْ يُبْـدِي وَلَـمْ يَعِـدِ 

فَقُلْتُ : أَسْتَغْفِـرَ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَـلٍ

 إِنَ المُحِـبَّ قَلِيـلُ الصَّبْـرِوَالجَلَـدِ 

قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَـتْ فِينَـا لَوَاحِظُـهَا

 مَا إِنْ أَرَى لِقَتِيـل الحُـبِّ مِنْ قَـوَدِ 

قَدْ خَلَّفَتْنِـي طَرِيحـاً وَهـي قَائِلَة

 تَأَمَّلُوا كَيْفَ فِعْـلَ الظَبْـيِ بالأَسَـدِ 

قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِـي وَمَضَـى

 بِاللهِ صِـفْـهُ وَلاَ تَنْقُـصْ وَلاَ تَـزِدِ 

فَقَالَ أَبْصَرْتُهُ لَوْ مَاتَ مِنْ ظَمَأ

 وَقُلْتِ قِفْ عَنْ وُرُودِ المَاءِ لَمْ يَرِدِ 

قالت: صدقت الوفى في الحب شيمته

 يابرد ذاك الذي قالت على كبدي 

وَاسْتَرْجَعَتْ سَألَتْ عَنِّي فَقِيْـلَ لَهَـا

 مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ ، دَقَّـتْ يَـدّاً بِيَـدِ 

وَأَمْطَرَتْ لُؤلُؤاً منْ نَرْجِسٍ وَسَقَـتْ

 وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُـنَّابِ بِالبَـرَدِ 

وَأَنْشَـدَتْ بِلِسَـانِ الحَـالِ قَائِلَـةً

 مِنْ غَيْرِ كَـرْهٍ وَلاَ مَطْـلٍ وَلاَ مَـدَدِ 

وَاللّهِ مَا حَزِنَـتْ أُخْـتٌ لِفَقْـدِ أَخٍ 

حُزْنِـي عَلَيْـهِ وَلاَ أُمٍّ عَلَـى وَلَـدِ 

فَأْسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجرِي عَلَى عَجَـلٍ

 فَعِنْدَ رُؤْيَتِـهَا لَمْ أَسْتَطِـعْ جَلَـدِي 

وَجَرَّعَتْنِـي بِرِيـقٍ مِـنْ مَرَاشِفِـهَا

 فَعَادَتْ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي 

هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفِـي

 حَتَّى عَلَى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِنَ الحَسَـدِ