في رقاب المسرحيّين – بقلم عبداللطيف الزبيدي

عبداللطيف الزبيدي

ما هي حدود مسؤولية المسرحيين؟ الضمير الفنيّ يريد منهم أن يحملوا أمانة وراءها رسالة. هذا يتطلب منهم أن يدركوا أن جمهوراً بحجم العالم العربي وأبعاد جغرافيته مركز بحوث ودراسات منقبّاً عن أسباب شحّ النص، سيطرة شركات الإنتاج على الساحة الفنيّة، هبوط المسلسلات، تحويل الفن إلى سوق استهلاكية، ضحالة استنساخ الموضوعات والبيئات التي لا تربطها صلة بالواقع العربي وهمومه، وهم أن الانحلال دليل تطوّر، إلى ألف عبث في قائمة لا تنتهي من الرداءة والتردّي.
يقيناً، لا يدعو القلم إلى أن يعلن المسرحيون أنفسهم شرطة الإنتاج الفنيّ التابع للمسرح مهنيّاً، لكنهم يمثلون السلطة والمرجعية في معايير التأليف ومراحل الأداء والتنفيذ. شراسة النقد الموجه دائماً إلى المسلسلات، وعجز الأوساط الثقافية والإعلامية عن التصدي لهذه المحنة الثقافية، يدلاّن قطعاً على الافتقار إلى وسائل تحصين الذوق العام، الذي لم نرفعه قط إلى حدّ الإحساس بالخطر على الأمن الذوقيّ، ولم نر قط انتهاك حرمته عدواناً على دعائم شديدة الأهمية في بنيان الشخصية العامّة. تحديد المسؤولية يأتي من هذا المنطلق: لو احتاج الناس إلى برلمان فنيّ يسنّ التشريعات والقوانين والضوابط الفنية في هذا المجال، قل في الأقل لجنة تحكيم، أو كما يسمونها في مصر الرقابة على المصنفات، أفلا يكون المسرحيون رأسها وأساسها؟ في المضارب العربية فقط صار «المدوّر كلّه كعك».
روائع الأعمال شرقاً وغرباً لا تزال متمسكة بالنص الأخّاذ، بالإخراج البديع، بالأداء الرفيع والإلقاء المموسق الموقّع، بالإضاءة الخلاّبة واللقطات التشكيلية الساحرة. من غيرُ المسرحيين يستطيع إعادة الاعتبار إلى هذه الفنون المسرحية، ولو لم تكن على الخشبة؟ على المسرحيين أن ينظروا قبل كل شيء إلى أنهم ورثة سوفوكليس، راسين، كورناي، شكسبير، إبسن، برشت، هذا المتحف الفني الخالد، من بين أعلامه عشرات الرواد العرب، ونرفض القول عنه: «كان صرحاً من خيال فهوى».
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: على المسرحيين رعاة الفن الرفيع، ألاّ يدعوا ذوات التطفل تسرح في المسرح وتمرح. 

جريدة الخليج