سواحل – بقلم ابراهيم مبارك

ابراهيم-مبارك

«برقا روس الشرايف، ما بنزل في الوطا»، نقطة وتوقف الكلام، بل صعدت الروح إلى بارئها، لا يهم من يكمل القصيدة أو ينتهي، حيث صعدت النجمة إلى السماء.

إنها عبارة تلخص رحيل الشاعرة الكبيرة عوشة بنت خليفة السويدي.. فليُرتب تاريخ شعرها كيف يشاء، وليقرأ كيف يشاء، ولكنها في نهاية الأمر ستكون شمس القصيدة الشعبية بعذوبة كلماتها وقوة معانيها وصورها وخيالها.

لقد أتعبت قصائدها الكثير من شعراء الإمارات، حتى سلّم جمعهم بشاعريتها وبريادتها بين النساء والرجال الذين راحوا يرددون قصائدها، وكأنهم ينسجون على منوالها. ولا نغالي إنْ قلنا إن قصائد عوشة هي التي عرّفت بالشعر الشعبي وأعلامه، وكثيرون هم الذين امتطوا جواد عوشة الشعري لكي يحققوا ذاتهم فوق ظهره.

ولو حاولنا أن نعرف من هي المرأة الرائدة في بحر القصيدة الشعبية في الإمارات، فسوف يكون الجواب بأنها عوشة السويدي الأولى بعد الشاعرة بنت الماجدي بن ظاهر، شاعر الإمارات القديم المشهور. وعلى الرغم من أن بنت بن ظاهر قالت قصائد قليلة لكنها كانت حافظة كبيرة لشعر من سبقوها، ثم جاءت شاعرتنا الكبيرة عوشة لكي تهد جدار الحظر على شاعرية المرأة.

مثلت عوشة بحضورها الشعري، مثالاً للروح الحرة وللشموخ الواثق من ذاته، فحلّقت في السماء الواسعة بقصائدها التي وصلت إلى كل ركن في منطقة الخليج، وبلغت سيرتها أنحاء العالم العربي. قد تدفقت بقوة عندما حملت قصائدها حناجر مطربين معروفين، وأدوها بصحبة ألحان مبدعة، وهذا ما قدمه على سبيل المثال الفنان المبدع ميحد حمد، وكذلك فعل الفنان علي بن روغة وغيرهما، لدرجة أن قصيدة الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي أصبحت معروفة، وتتردد في كل وادٍ وقرية ومدينة في الإمارات.

تقول عوشة في إحدى روائعها:

«يا رشا يا فوعة الفلي/‏ يا لمخدج في عناقيده

انت لي كلك وأنا كلي/‏ بينا يمضي الهوى سيده

ما نحب الحب يختلي/‏ مثل ما تبغونه انريده

ذاك حكم الفن يا خلي/‏ والهوى عسره مصاعيده»

نعم لقد كانت عوشة علامة فارقة في القصيدة الشعبية، وأجبرت الكثيرين على أن ينسجوا على منوالها.

جريدة الاتحاد