You are currently viewing حاكم الشارقة يكشف عن مشروع ثقافي، أدبي وتاريخي، ضخم في طريقه إلى الصدور

حاكم الشارقة يكشف عن مشروع ثقافي، أدبي وتاريخي، ضخم في طريقه إلى الصدور

كشف صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عن مشروع ثقافي، أدبي وتاريخي، ضخم في طريقه إلى الصدور، متمثلاً في 12 مجلداً تسرد تاريخ المنطقة، محتوية على مادة لا يعلمها أحد عن منطقة الخليج، وكتاب آخر بعنوان «الأمر البابوي»، وهو رسالة إلى ملك البرتغال تقول: «اغزوا هرمز.. والفاتيكان سيصرف عليكم بكل ما استطاع»، وعمل أدبي يتضمن نبذة عن أبرز شعراء العرب، وأهم ما قالوا من قصائد، بدءاً من العصر الجاهلي. موضحاً سموّه سبب تسمية كتابه «رحلة بالغة الأهمية». ومؤكداً ضرورة السعي والبحث عن التراث والتاريخ والتواصل مع من يوحد الله، أينما كان.

وقال سموّه، في مداخلة هاتفية عبر برنامج «الخط المباشر» الذي يبث من أثير إذاعة وتلفزيون الشارقة، مع الإعلامي محمد خلف، المدير العام لمؤسسة الشارقة للإعلام: وددت أن أوضح لماذا اخترت «رحلة بالغة الأهمية» اسماً لكتابي، لأنها كانت في فترة عصيبة جداً، كان ألفونسو دي ألبوكيرك، يذبح الناس ويصلم آذانهم ويجدع أنوفهم ويشتر شفاههم، وباربوزا لم يشترك معهم، وكان من الذين يوصلون إلى الملك المآسي التي يتعرض لها الناس، وكان يصف الناس في الخليج، وخاصة خورفكان وكلباء وجلفار، وغيرها من المناطق القريبة منها، وكذلك ساحل فارس، ويقول هناك أناس مثلنا يأكلون ويبتسموّن ويرتدون ملابس جيدة، فكان باربوزا يفعل عكس ما كان يفعله ألفونسو، فلذلك فيها أهمية، لأن الناس في البرتغال ثاروا على الضباط الذين فعلوا ذلك، فقال لهم الملك بما أنكم تحتجون على ذلك، فاكتبوا لي تقارير بهذه المآسي التي تتعرضون لها، فكلفوا أحدهم وكتبوها، وبعد أن قدموا كتاباتهم للمطبعة لطباعتها، وجدوها احترقت في الليل، وتبين أن أبناء الضباط وعائلاتهم أحرقوها، ففقد هذا المخطوط ولم يتبق منه سوى أجزاء غير مكتملة أحدها في إيطاليا وآخر في إسبانيا وهكذا.

وأضاف: وبحمد الله حصلت على هذه التقارير بالمآسي التي كتبها الضباط المعارضون، وهي المخطوطة الكاملة الخاصة بباربوزا، وهم فرحوا بذلك للعثور على ما هو مفقود منذ أكثر من 200 عام، ولأنهم لم يطلعوا عليها من قبل، ولذلك عندما زرتهم قبل أيام، كانت فرحتهم كبيرة، وتحدثوا عنها وأجروا تقارير بشأنها، وهذه المخطوطة بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والبرتغالية، وكما هو معلوم أنني عضو معهم في المعهد العلمي ب «لشبونة»، فلا بدّ أن يكون لنا إنتاج بحثي معهم وهذا هو أحد إنتاجاتي البحثية.

وقال صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي: كما وقع بيدي مخطوط جلد رق يبلغ طوله تقريباً مترا في متر، وهي رسالة اسمها «أمر بابوي» لملك البرتغال تقول: «اغزوا هرمز.. والفاتيكان سيصرف عليكم بكل ما استطاع». هذا الكلام غير موجود في التاريخ، ولا يعلم أحد بهذه الرسالة، ولكن ذُكر في التاريخ أنه عادت حملة واحتلت هرمز مرة أخرى، ولكنني اكتشفت بهذه الرسالة أن ذلك كان تكليفاً من «البابا»، وأنا الآن بصدد إصدار كتاب يسمى «الأمر البابوي»، أتناول فيه الأحداث، منذ وطئت أقدامهم هرمز، وكيف نصّروا الناس، وهي أحداث مدة زمنية تقدر ب 114 عاماً، وشهدت هذه الفترة قصصاً لمئات الآلاف من العائلات التي نُصّرت، وأريد أثبت أنهم جميعاً تنصروا لمصالح وليس عن قناعة، فمنهم من كان مستعبداً واختلف مع مالكه، فطلب التنصر، مقابل حريته، ومنهم من أدمنت على الخمور، وعندما أتوا ليقيموا عليها الحد بالجلد، أعلنت تحولها إلى النصرانية، هروباً من عقوبة شرب الخمر، وغيرها الكثير من الروايات المماثلة، أرصدها الآن في كتاب ضخم، ولكنه مسلّ، وكل قصة فيه لها سببها وظروفها الخاصة.

وقال سموّه: أحرص على المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب، ولو بكتاب كل عام، وأعمل الآن على كتابة تاريخ المنطقة في مجلدات كبيرة سيصل عددها ربما إلى 12 مجلداً، ولدي مادة عن منطقة الخليج لا يعلمها أحد، فالمخطوطات النادرة تظهر مواد لا يعلمها أحد، وبحمد الله أحصل على الكثير منها، ولا أحفظها، بل أبرزها للباحثين والأجيال.

وعن سؤال الإعلامي محمد خلف، عن هدف كتاب صاحب السموّ حاكم الشارقة، «إني أدين»، قال سموّه: إن الهدف الرئيسي من الكتاب هو «الاعتذار»، لأنهم قدموا اعتذارهم لليهود، على الرغم من أنهم لم يسيئوا إليهم، بل كانت إساءاتهم موجهة إلينا، فهل يسيئون إلينا ويعتذرون لغيرنا؟ وسلموا مسجد قرطبة للسلطة التي أخذتها وهي مدنيّة، وبعد ذلك أتت الكنيسة وأخذت المسجد، ونحن احتججنا على ذلك، وظهرت الآن أصوات تطالب بإعادة المسجد إلى السلطة المدنية، لأنها في التعامل معنا ألطف من الآخرين، فهم بعيدون عن التعصب، علماً أننا لا نطالب باسترجاع المسجد كاملاً، ونطالب بيوم الجمعة فقط، وكان المسجد لنا كاملاً، وبالرغم من أن المسيحيين ليس لهم شيء فيه، إلا بنيان جانبي أضافوه، فإنهم يعطونهم يوم الأحد، وحاولت سابقاً مع مديرة البلدية لديهم، وذهبت إلى قرطبة، وقدمت لهم الكثير، ومنه ترميم سور غرناطة الروماني القديم، ثم قلت لها: ماذا ستقدمون إلي؟ فأجابتني: اطلب، فقلت: أريد هذا المسجد الكبير. فقالت إن هذا الأمر ليس بيدها. فعلينا أن نسعى ونتواصل ونسأل عن تراثنا وأحوالنا، ونحن مع أي شخص يقول «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» ولن نتركه أينما كان.

واستطرد سموّه قائلاً: إن ما أطالب به اليوم، وأعمل وأناضل من أجله، ليس بالضروري أن أحصد ثماره، فربما أفتح بذلك الطريق أمام أجيال قادمة ليمضوا فيه مستكملين المسيرة، فنحن لم نجد من يفتح لنا الطريق من قبل لنكمله، فعلى سبيل المثال، قضية الأندلس لم يأت شخص قط يدينهم، فربما سبق أن اتهموا، ولكن لم يسبق أن أدانهم أحد، وهناك فرق بين الاتهام والإدانة، وهي إثبات قيامهم بالفعل. فكنت أريد أن أضع على غلاف الكتاب صورة، ولكنني لم أستطع، فهي توضح كيف عزلوا الآباء والأمهات عن أبنائهم الصغار، في منظر مؤثر جداً ينفطر له القلب، من أناس في حالة من التشنج من البكاء، ويقف فوقهم العسكري على ظهر حصانه، وبيده السوط، وينتزع الأبناء من آبائهم، ليرحلهم إلى إسبانيا، ليعتنقوا المسيحية.

وأضاف: كل دفعة نسخ من كتاب «إني أدين» تذهب إلى المغرب، تباع في أقل من ثلاثة أيام، فهنالك إقبال كبير من أهالي المنطقة على قراءة التاريخ وتفاصيله، والكتاب حالياً بالعربية وسنترجمه، وعلينا ألا ننسى ما حدث مع أهلنا وديننا، ولن ننسى، فكيف ننسى ولنا حق؟

وإجابة عن سؤال محمد خلف، عن غضب الإسبان والبرتغاليين، بسبب هذه الكتابات، قال سموّه: انهم لا يغضبون من ذلك، وخير مثال على ذلك هو كتاب «الحقد الدفين»، فلم يُكتب مثل ما كتبت فيه على الإطلاق، وكتبته بعد أن أجريت بحثاً عميقاً جداً، في مصادر إسبانية قديمة، وبعد أن قرأ الإسبان الكتاب قدموا لي دكتوراه فخرية في مدريد، وحينها قال نائب مدير الجامعة، عميد كلية الآداب: نريد أن تكون كلمتكم خلال التكريم «قصيدة»، فنحن مطلعون على قصائدكم، فأجبته: دعنا نتحدث من الورقة المكتوبة، لأن القصيدة تخرج من القلب وسيخرج معها الكثير. فقال: دعها تخرج من القلب، فأجبته: سيخرج منه شجون، فأصروا قائلين: قل ما شئت، فقلت لهم ما شئت. فهم لا يغضبون من الحقيقة، وخصوصاً المتعلمين الأكاديميين.وتابع سموّه، قائلاً: ولدينا مثال على تفكير الأكاديميين منهم، وهو فيلم «أبوعبدالله الصغير»، الذي كتبه أساتذة التاريخ في الجامعات الإسبانية، وكانوا منصفين، فأظهروا فيه ما كان عليه المسلمون من النظافة والعلم والمعرفة، ونتمنى بإذن الله، أن تأتينا أجيال مثلهم، ويصلوا إلى ما وصلوا إليه من علم.

واختتم صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حديثه متمنياً على زوار «معرض الشارقة للكتاب»، أن ينتقوا الكتب المفيدة، فالمعرض فيه الكثير من الكتب القيمة الحديثة والتراثية، فهنالك كتب تستهوي معظم الناس، وأخرى تستهوي أفراداً، وغيرها تؤخذ لتقتنيها المؤسسات والجامعات مراجع ومصادر. فبالنسبة لما قرأته من الكتب الإسلامية، تمنيت لو أني لخصتها في صفحات بسيطة. أما في الأدب فإني أكتب عن كل شاعر نبذة، وآخذ أجمل وأهم ما قال من قصائد، بدءاً من العصر الجاهلي.