كوارث المتاحف – بقلم سارة باركاك

سارة

النيران التي أحاطت بمتحف البرازيل القومي الذي يبلغ عمره 200 عام في ريو دي جانيرو في الأيام القليلة الماضية حولت 20 مليون قطعة من محتوياته إلى تراب. وهذه المأساة تذكرنا بالحاجة إلى تحسين إجراءات حماية المتاحف حول العالم. والحريق نشب لأسباب غير معلومة، لكن كثيرين من البرازيليين يلقون باللائمة على حكومتهم وبعضهم انطلق إلى الشوارع يحتج. فبعد سنوات من تقليص الأموال الاتحادية، طالب العاملون في المتحف بأموال عاجلة للصيانة من بنك التنمية القومي في البلاد. وفي يونيو الماضي، تم صرف الأموال لكن ليس في الوقت الملائم لإقامة التحديث المطلوب لآلية إطفاء الحرائق. وبعد اندلاع الحريق، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور للعاملين في المتحف وهم يحملون ما يستطيعون من مقتنيات المتحف لإنقاذها. لقد شاهدت مقتنيات المتحف التي لا تقدر بمال. ففي عام 2014، زرت المتحف مع صديقين أحدهما متخصص في علم الأركيولوجيا الحيوية والآخر في علم الانثروبولوجيا. كنا مبهورين ونحن ننتقل من غرفة إلى أخرى. وشاهدنا أحد أقدم الهياكل العظمية في أميركا اللاتينية، والذي يطلق عليه «لوسي» ويعود تاريخه إلى 11500 عام. وكان هناك غرفة كاملة مليئة بالكنوز المصرية تضم تابوتاً ملوناً بألوان زاهية به مومياء تعود إلى عام 750 قبل الميلاد. وكان هناك عدد لا يحصى من القطع التي لا تقدر بمال من الثقافات المتنوعة للسكان الأصليين في البرازيل ومناطق أخرى من أميركا اللاتينية. وكان هناك أيضاً جدرايات من مدينة بومبي الإيطالية ضمن مقتنيات المتحف من منطقة البحر المتوسط. 
وكان المتحف يضم مكتبة استثنائية بها نحو 500 ألف كتاب من بينها 2400 كتاب نادر ومجموعة من حفريات التاريخ الطبيعي بما في ذلك الديناصورات والحشرات والأحجار النيزكية تم العثور عليها عبر عدد كبير من الرحلات قام بها علماء ومستكشفون. وتؤكد آنا روزفيلت استاذة الانثروبولوجيا في جامعة ايلينوي في شيكاجو أن الحريق «كارثة للعلم الطبيعي والأنثروبولوجيا في أميركا الجنوبية».
ولحسن الحظ نجت المكتبة لأنها لم تكن في المبنى الرئيس بالإضافة إلى أجزاء من مجموعة الحيوانات الفقارية. لكن، حتى الآن، يُعتقد أنه لم ينج من الحريق إلا 10% فقط.
ومع اشتداد الحريق أرسل أصدقاء وزملاء في البرازيل تغريدات عبروا فيها عن غضبهم وشعورهم باليأس. وكتبت مارينا أمارال الفنانة التشكيلية الرقمية البرازيلية تقول «أؤمن حقاً أن فقدان أي متحف هو فقدان لحضارة بالكامل». لكن البرازيليين لم يقفوا مكتوفي الأيدي. ففي يوم الثالث من سبتمبر، اجتمع كثيرون منهم وأحاطوا بالبناء متلاحمي الأذرع واحتضنوا ما بقي من المتحف بأجسادهم البشرية كما لو أنهم يتمنون له العودة إلى الحياة. 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

جريدة الاتحاد