مفكرة البحرين: 35 متحفاً – بقلم سمير عطالله

سمير عطا الله
يطرح عليك الجميع هنا سؤالاً واحداً: «كم قلت عن البحرين؟». أي أنك مقصر ولا عذر لك. وهذه المرة الثانية التي أحل فيها ضيفاً محاضراً على مركز الشيخ إبراهيم بن محمد الخليفة للثقافة والبحوث. المرة الأولى، كما تذكر الشيخة مي آل خليفة، كانت عام 2009. أيضاً تشرَّفتُ بأن أكون أول محاضري الموسم السنوي الذي يبدأ (منذ 2002) أول أكتوبر (تشرين الأول)، ويستمر إلى نهاية مايو (أيار)، أي من بداية تلطف الجو إلى هجوم الرطوبة.
في المفكرات، على كاتبها أن يدوِّن الأشياء في تفاصيلها. وقد بدأتْ هذه الرحلة بالمأدبة التي أقامتها شيخة النهضة الثقافية في البلاد، ودعت إليها أعضاء مجلس الأمناء. وقبل ذلك قمنا بجولة على عدد من 35 «بيتاً» أو بالأحرى، متحفاً صغيراً من التحف الرائعة الجمال والهندسة والطراز التاريخي. أحياناً، يخطر لك أنك في إيطاليا القديمة، بألوانها الخشبية وإضاءاتها الفنية. ولا حصر لنشاطات المسرح في الفكر والفنون، ولا حدود لأحلام الشيخة مي: «البحرين، تقول، أرض حضارات وملتقى شعوب، في موقعها وفي تاريخها، وعلينا ألا نهمل هذه الخصائص».
مصطفى الفقي، عمرو موسى، محمد أركون، غسان سلامة، أحمد لطفي حجازي، عبد الرحمن الأبنودي، ليلى عبد الحميد شرف. بعض من الوجوه التي تحدث أصحابها إلى الجمهور البحريني في سلسلة المحاضرات. كل ضيف اختار موضوعه. واكتفت مي الخليفة بوضع عنوان عريض للموسم كله.
عنوان هذا الموسم: «كل نور لا يزيل ظلمة لا يعوَّل عليه». ومن محاضري الموسم في تنوعاته الروائي طاهر بن جلون، ووجه الحوار السياسي في لبنان مرسيل غانم، ومَن لن تصدق: الشاعر الزجلي موسى زغيب، الذي سيلقي بعضاً من شعره العامي، فكيف يفهم أهل المنامة والمحرَّق على لهجة أهل حراجل؟
مهرجان ثقافي يمتد على نحو نصف عام. معارض فنية، والآن أصبح لدى البحرين مسرح وطني جميل وفي منتهى الحداثة. ويعيدني ذلك – كالعادة – سنوات طويلة إلى الزمان الماضي حين كانت البحرين تمتاز عن دول الخليج بالحركة المسرحية. لكن تلك المسرحيات كانت تقام في المدارس البسيطة. وكان يلعب دور النساء شبان يرتدون أثواباً نسائية ويحاولون قمع طبقات حناجرهم. أما الآن، فالوجه الثقافي الأبرز سيدة.
لم أعد أعرف أين كانت البحرين القديمة، إلا المعالم التي منعت الدولة المساس بها. ولقد قامت إلى جوانبها بحرين حديثة جميلة العمار. والبحرين الحديثة كانت من قبل مياها، ثم ردمها كما فعل الهولنديون. ولم يعد المد والجزر لعبة مسلية ومخيفة أحياناً. فالمدينة الآن في المدينة. أو بالأحرى في المدن التي قامت حول العاصمة في نهضة اقتصادية عامرة.
إلى اللقاء…
جريدة الشرق الاوسط