وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ .. شعر الأعشى

وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ

وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ

غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها

تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ

كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها

مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ

تَسمَعُ لِلحَليِ وَسواساً إِذا اِنصَرَفَت

كَما اِستَعانَ بِريحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ

يَكادُ يَصرَعُها لَولا تَشَدُّدُها

إِذا تَقومُ إِلى جاراتِها الكَسَلُ

ما رَوضَةٌ مِن رِياضِ الحَزنِ مُعشَبَةٌ

خَضراءُ جادَ عَلَيها مُسبِلٌ هَطِلُ

يُضاحِكُ الشَمسَ مِنها كَوكَبٌ شَرِقٌ

مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَبتِ مُكتَهِلُ

يَوماً بِأَطيَبَ مِنها نَشرَ رائِحَةٍ

وَلا بِأَحسَنَ مِنها إِذ دَنا الأُصُلُ

عُلَّقتُها عَرَضاً وَعُلَّقَت رَجُلاً

غَيري وَعُلَّقَ أُخرى غَيرَها الرَجُلُ

وَعَلَّقَتهُ فَتاةٌ ما يُحاوِلُها

مِن أَهلِها مَيِّتٌ يَهذي بِها وَهِلُ

فَكُلُّنا مُغرَمٌ يَهذي بِصاحِبِهِ

ناءٍ وَدانٍ وَمَحبولٌ وَمُحتَبِلُ

قالَت هُرَيرَةُ لَمّا جِئتُ زائِرَها

وَيلي عَلَيكَ وَوَيلي مِنكَ يا رَجُلُ

يا مَن يَرى عارِضاً قَد بِتُّ أَرقُبُهُ

كَأَنَّما البَرقُ في حافاتِهِ الشُعَلُ

لَم يُلهِني اللَهوُ عَنهُ حينَ أَرقُبُهُ

وَلا اللَذاذَةُ مِن كَأسٍ وَلا الكَسَلُ

الأعشى

(570 ـ 629)