هفوات الدوق الراحل – بقلم إنعام كجه جي

-كجه-جي-ousihty9xjvah8w3hcefqqzsst0wkmav1l1m9x458o

يميل العرب إلى ذكر محاسن الموتى. أما الإنجليز، فلا يراعون هذه الحرمة. وحال الإعلان عن رحيل الأمير فيليب، زوج ملكة بريطانيا، ظهرت قوائم بالهفوات التي بدرت عنه خلال حياته.

وهي، والحق يقال، هفوات طريفة.

ثم ماذا يعني أن يخرج الرجل عن اللياقات الصارمة عشر مرات في عمر قارب المائة عام؟
كان أميراً ابن أمراء، ثم رضي بلقب دوق إدنبره. أعلن ذات يوم أن من المرعب أن يحتفل المرء ببلوغه مائة عام، وتجاوبت الطبيعة معه فمات في التاسعة والتسعين. وهو قد حافظ على قوام نحيل وأناقة بالغة. لكنه اعترف، في حفل ميلاده التسعين، بأن أجزاء بدأت تتداعى منه. لم يبلع الأمير لسانه، ولم يحاول تلطيف آرائه. قال لزوجته الملكة في يوم تتويجها، على مسمع من الحاشية: «من أين جئت بهذه القبعة؟». كان ذلك قبل 73 عاماً. سؤال يصلح لكل القبعات التي ارتدتها إليزابيث الثانية.
في عام 1969، فتح قصر باكنغهام صالاته أمام كاميرات تلفزيون «بي بي سي». جاءت الفكرة من دوق إدنبره، بهدف إطلاع الشعب على معيشة العائلة المالكة. وتمادى الدوق في الكلام، وأعرب عن قلقه من ضيق ذات اليد. قال إن الحسابات ستبلغ الخط الأحمر، وقد يتخلى عن ممارسة رياضة «البولو». والبرنامج ممنوع من البث، حالياً، بل إن التسجيل اختفى.
كان يسافر مع الملكة في عفشها. وزار العالم كله، والتقى بالملوك والرؤساء. قال له الرئيس أوباما، ذات يوم، إنه تناول الفطور مع زعماء روسيا وبريطانيا والصين مجتمعين. وكان رد الدوق: «وهل تمكنت من التمييز فيما بينهم؟». لكن تلك هفوة لطيفة قياساً بمخاطبته المستشار الألماني هيلموت كول بلقب: «رايخكانزلر»؛ أي المستشار الإمبراطوري، وهو لقب كان يستخدم لهتلر. وكان صحافي ألماني قد سأله إن كان يحب زيارة الاتحاد السوفياتي، وأجاب بأنه يحب كثيراً الذهاب إلى روسيا، ثم أردف: «رغم أن أولاد الحرام هؤلاء قتلوا نصف عائلتي». فقد كان يرتبط بقرابة مع ألكسندرا رومانوفا، آخر القيصرات.
زار الأمير مدرسة للأطفال الصم والبكم في كارديف. واحتفاء به قدم الصغار مقطوعات موسيقية على الطبول. وبعد العزف، مال على إحدى التلميذات، وقال لها: «ليس غريباً مع كل هذا الضجيج أن تفقدي سمعك». وفي زيارة لمدرسة أخرى، سأل تلميذاً سميناً عما يود أن يصبح عندما يكبر. وقال الولد إنه يريد أن يكون رائد فضاء. وطبطب الأمير على ظهره بحنو، قائلاً: «يمكنك ذلك عندما تنحف».
التقى بالمراهقة الباكستانية ملالا يوسفزاي، الحائزة «نوبل» للسلام، بعد محاولة أعضاء من «طالبان» قتلها لأنها طالبت بحق البنات في الدراسة. وبدل أن يمتدح ما تقوم به، قال لها إن الأهل يرسلون أبناءهم إلى المدارس للتخلص من ضوضائهم في البيت. وضحك الدوق وضحكت ملالا. لكن أنصار حماية البيئة لم يضحكوا يوم قال لهم إن القطط تقتل العصافير أكثر مما تؤذي البشر، واقترح عليهم حملة شعارها: «اقتل قطة وأنقذ عصفوراً».
في اسكوتلندا أيضاً، التقى الأمير فيليب بمعلم لقيادة السيارات. وبكل براءة سأله: «كيف تبقيهم صاحين من السكر طيلة الوقت اللازم للتعلم ونيل رخصة القيادة؟».
سألوه عن أسرار الزواج الناجح المعمر. أجاب أن «التسامح عنصر أساسي، ولدى الملكة كثير منه». يعلم الله كم سامحته. لكنه أثار غضب النساء حين صرح بأن البريطانيات لا يعرفن الطبخ. إليزابيث الثانية لا تطبخ. ألهذا السبب أقام مطبخاً صغيراً ملحقاً بجناحه في القصر لكي يقلي لنفسه البيض كل صباح؟

جريدة الشرق الاوسط