من طلائع الفكر السعودي – بقلم خالد القشطيني

15520.8
من أهم شخصيات الرعيل الأول من قادة الفكر العربي في المملكة العربية السعودية الذين قدموا إسهامات جليلة في تنمية الأدب والثقافة في المملكة كان الشيخ عبد العزيز الرفاعي رحمه الله. له إسهامات كثيرة ومشوقة منها سلسلة «المكتب الصغير» ومجلة «عالم الكتب» وإقامة دار «الرفاعي» للنشر. كتب في أدب المقالة والقصة والمسرح والرواية. ترك وراءه ثروة لا بأس بها في دنيا الشعر. وقبل وفاته بآونة وجيزة فرغ من نشر ديوانه «ظلال ولا أغصان» الذي ضم مجموعة من القصائد التي يمكن تصنيف أكثرها بالوجدانيات، منها «ظلال الصداقة»، وهو الفصل المخصص للإخوانيات التي تبادلها مع زملائه ومحبيه. بيد أن الأستاذ أحمد سالم باعطب أدرج قصيدتين في «الاثنينية» لم تنشرا في ديوان الشاعر تبودلتا بينه وبين بدوي طبانة في 1397 بتحية إلى زميله «ريحانة العصر» كما وصفه. قال فيها:
ما لي وللشعر، قالوا إنه نكد
يقوى مع الشيطان خناسا
قالوا وأعذب الشعر أكذبه
فن الغواية فيه يفتن الناسا
وما تقول سوى صدق تصعده
مرآة قلبك أنغاماً وأعراسا
الفن للفن لا للجيب يملؤه 
فيض الدنانير أكياساً وأكداسا
والعلم للعلم يحيا في ذؤى أنف
وإن شكا حاملوه الدهر إفلاسا

ثم ينتقل الشاعر ليحيي أخاه الشاعر:
قالوا الرياض رياض في نضارتها
يلقي بها الورد والنسرين والآسا
ما روضة غير هذي الدار يعمرها
من يقدر العلم عرفاناً وإحساسا
عبد العزيز الرفاعي شيخ ندوتهم 
أكرم به كيساً قد بز أكياسا

رد الشيخ الرفاعي على أخيه بقصيدة من القافية ذاتها وإن اختلفت في الوزن. راح يذكره بذكريات الشباب ويئن لأيام المشيب:
أفتنسى العهود أم تتناسى
يوم كنا ولا سوانا الناسا
كم تركنا الربيع يشعر بالخصب
وكم صعد الشذى الأنفاسا
الهوى والشباب أسطورة العمر 
فإن وليا فقل: لا مساسا
وهما في الحياة يقظة روحي
طويا ثم أبدلاني انتكاسا
وليا فالحياة درب ممل
قد مشى الليل في رباه وجاسا

ثم ينتقل الشيخ للثناء على أخيه الأديب ودوره في ريادة النقد الأدبي فيقول في تواضع نادر بين الشعراء:
لا تلمني وأنت في النقد فذ
تشيد النقد أعمداً وأساسا
إن رأيت القصيد مني أصفى
والمصفى من القصائد حاسا
قل سلاماً، ومر شأن كريم
مر باللغو مشفقاً ثم آسى
بدوي يروي الحضارة حرفاً
راضى عصيانه فلان اقتباسا
شعره كالربيع موكب عرس
ثم لا نستزيده أعراسا
إن يشب شعره فما شاب شعراً
في المعاني لا تطلبن الحباسا

جريدة الشرق الأوسط