حقّ مصر في آثارها – بقلم د. حسن مدن

حسن مدن

خبر لا يتصدّر نشرات الأخبار، ولا تأتي عليه وكالات الأنباء، على الرغم من أهميته الكبيرة، يتصل بعلاقة البلدان الغنية بآثارها الثمينة التي وجدت طريقها، بطرق غير مشروعة، إلى كبريات العواصم الغربية من دون وجه حق.

يقول الخبر: إن مصر طلبت رسمياً من بريطانيا منع خروج رأس تمثال الإله آمون الذي يحمل ملامح وجه توت عنخ آمون من أراضيها بعد بيعه في مزاد علني مؤخراً لمشترٍ لم يعلن عن اسمه.

بدأت الحكاية عندما باعت دار كريستيز للمزادات الشهيرة الرأس بنحو 5 ملايين جنيه إسترليني، ومعه بيعت أيضاً 32 قطعة أثرية أخرى من بينها لوحة حجرية لوجه الآله آمون.

مصر التي تتجه إلى رفع قضية أمام المحاكم البريطانية لاسترداد الرأس الذي تعتبره ملكية مصرية مسروقة، أرسلت طلباً رسمياً إلى وزارة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية بعدم السماح بتصدير القطع المباعة حتى حسم النزاع بشأن ملكيتها، وطرق خروجها من الأراضي المصرية.

وتطعن مصر في طريقة خروج رأس توت عنخ آمون من أراضيها، والحق أن هذا ينطبق على كل الآثار التي لا تقدر بثمن، وهربت إلى الخارج، سواء من مصر أو من غيرها من البلدان المعروفة بغنى ثروتها الأثرية.

تقول مصر: إن الدار البائعة لم تطلعها على أوراق الملكية الحديثة، ولا أي وثائق تبرهن على خروج الرأس من مصر بطريقة مشروعة وبعلم سلطاتها. ولذلك، فإن مصر تعتبر الأثر مسروقاً وتجب استعادته. ولم يكتفِ الطلب المصري بمنع خروج الآثار المباعة من بريطانيا، وإنما شمل أيضاً طلب تدخل وزارتي الخارجية والداخلية البريطانيتين للمساعدة في استرداد مصر للآثار المباعة.

يذكر أن تشريعاً مصرياً صدر في عام 1983 بهدف حماية الآثار ينص على أن أي أثر مصري يوجد في الخارج من دون أن يملك حائزه ترخيص تصدير هو ملكية مصرية مسروقة لا يسقط بالتقادم الحق في المطالبة باسترداده.

وفي حال رفع الأمر إلى المحكمة في بريطانيا، كما ترغب مصر، فإن مساراً قضائياً طويلاً ومعقداً سيكون منتظراً قبل الوصول إلى حسم المسألة، وأياً كان الحكم الذي سيصدر، فإن إثارة القضية تسلط الضوء مجدداً على وجه آخر من أوجه تسلط الغزاة والمستعمرين الغربيين للبلدان الأخرى في الشرق.

لم يكتفِ هؤلاء الغزاة بالتحكم في الطرق الاستراتيجية التي تشرف مواقع هذه البلدان عليها، ولا بالاستحواذ على ثرواتها الطبيعية، وإنما سرقوا أيضاً ما في جوفها أو على أراضيها من آثار تبرهن أن الحضارة الإنسانية نشأت، أول مرة، في هذا الشرق.

جريدة الخليج 

madanbahrain@gmail.com