المنفذ الأدبي – بقلم باسمة يونس

باسمة يونس

تتكون حقوق الملكية الفكرية للمؤلف من حقوق الطبع والنشر، والأفلام وحقوق الترجمة والمخطوطات الأصلية للأعمال المنشورة وغير المنشورة أو المكتملة جزئياً والأوراق ذات الأهمية الأدبية كالمراسلات واليوميات وأية سجلات تتعلق بمؤلفاته. ويختار المؤلف في حياته وكيلاً أو (منفذاً أدبياً) يقوم بجمع الكتابات المنشورة وغيرها ومتابعة هذه الحقوق، ويعمل نيابة عن المستفيدين بعد وفاته حفاظا على إرثه.
لا يتوقف عمل (المنفذ الأدبي) على متابعة المخطوطات التي تخضع لمواصفات الملكية الفكرية فقط؛ بل يمتد إلى المحافظة على سمعة المؤلف وتنفيذ رغباته التي قد يتجاهل البعض تنفيذها كما قد يحدث عند قيام مؤلف بكتابة سيرة ذاتية ترفض عائلته نشرها بعد وفاته على الرغم من طلبه ذلك. ويحفل تاريخ الأدب بقصص عن أمثلة سيئة تتعلق بتصرفات المنفذين الأدبيين وقيامهم بما يخالف المطلوب منهم قد يصل إلى درجة التعدي على حقوق النشر وتحريف العمل برمته، في صورة تنتهك حقوق المؤلف ولا تحافظ على تراثه، وربما تشوه منجزه بالدعايات أو حتى استخدام صور المؤلفين في مشاريع تجارية لا تليق بإبداعاتهم ولا بشخصياتهم المميزة.
ما فعلته اليزابيث نيتشه، شقيقة المفكر فريدريش نيتشه يعد صورة لأسوأ ما يمكن القيام به في حق السيرة الإبداعية لمؤلفيها بعد رحيلهم بتعمدها تحريف وتغيير الكثير من مسيرة وتوجهات شقيقها الفكرية بعد قيامها بالتفتيش في ممتلكاته الأدبية، والتعديل على ما تريد، إذا وصل بها الأمر إلى نشر سيرة غير موثوقة حذفت منها الكثير مما لم يعجبها أو قامت بتغيير ما كتبه فيها عنها.
ويبرز كذلك تصرف ماكس برود صديق كافكا والمنفذ الأدبي له والذي رفض إحراق أعماله الأدبية على الرغم من اشتراط كافكا عليه بأن يحرقها بعد وفاته، وكان استقبال النقاد لها بحفاوة سبباً في تجاهل المجتمع الأدبي ومخالفة لوصية كافكا.
من جانب آخر كان تصرف الزوجة الثانية لرودولف شتاينر، مثيراً للإعجاب بإقدامها على نشر الاختصارات لآلاف المحاضرات الخاصة به بعد وفاته، ويعد دوراً مهماً في الحفاظ على سمعته وسيرته بصدور أكثر من ثلاثمئة مجلد لأعماله منذ وفاته في عام 1925.
تستدعي أهمية المحافظة على التراث الأدبي للمؤلف ضرورة نشر ثقافة تعيين وكيل أو منفذ أدبي، مع فرض قوانين تتحكم في تصرفاته تجاه هذه الأعمال. 

جريدة الخليج