مواليد الأول من تموز – بقلم د. حسن مدن

حسن مدن

كان بلند الحيدري يعلم أن السيّاب لم يكن على كثير ود آنذاك مع البياتي، فقاطعه: «ولكن فاتك اسم عبد الوهاب البياتي، فهو أيضاً من مواليد هذا العام»، فضحك السيّاب قائلاً: «كلا.. إنك مخطئ فالبياتي ولد إما في عام 1925 أو عام 1927 ولا يمكن أن يكون ولد معنا، وإذ تصرّ أنت على هذا فأنت مثله من مواليد أحد هذين العامين».

خطرت هذه الحكاية لي والتي نقلتها هنا قبل شهور، حين استوقفني في صباح الأول من يوليو/ تموز في تنبيهات «فيسبوك» اليومية بأعياد ميلاد من تجمعنا بهم الصداقة في هذا الفضاء؛ حيث إن عدداً من القامات العراقية الثقافية يصادف عيد ميلادهم في ذلك اليوم بالذات، على ذمة «فيسبوك» طبعاً، ومن هؤلاء الناقد ياسين النصير والشعراء علي جعفر العلاق، عبد الكريم الكَاصد، علي نوير، والكاتب فخري كريم، والمترجم علي عبدالأمير صالح، والمخرج المسرحي فاضل سوداني وغيرهم الكثير.

قلت لنفسي: يا له من يوم سعيد هذا الذي صادف أن ولد فيه كل هؤلاء، حتى وإن اختلفت السنوات، وخطر في بالي لحظتها أن أكاتب أحد هؤلاء سائلاً عن السر في ذلك، قبل أن أقرر البحث بنفسي عن الأمر، فلعلّ فيه حكاية، وهذا ما وجدته فعلاً، فحسب مواقع مختلفة طالعتها فإن دائرة الأحوال المدنية العراقية قررت في عام 1957 أن الأول من تموز يوم ميلاد أي شخص لم يتم تسجيله في دائرة النفوس العراقية قبل ذلك التاريخ، ونسي ذووه يوم مولده، وأمر كهذا موجود في بلدان عربية أخرى، وللسبب نفسه، ففي البحرين مثلاً أغلب شيوخ وكهول اليوم جرى تسجيل تاريخ ميلادهم في الأول من يناير/ كانون الثاني.

ولأن ملايين العراقيين المولودين قبل عقود جرى تسجيلهم في نفس اليوم، فإن أحد المواقع يورد حكاية طريفة؛ حيث اعتاد أحد فنادق بيروت الاحتفال بعيد ميلاد النزيل بإقامة حفلة صغيرة له بهذه المناسبة، وفي الأول من تموز ذات عام فوجئ العاملون في الفندق أن معظم النزلاء وهم من العراقيين من مواليد نفس اليوم، ولم يكن العاملون وحدهم من فوجئوا، وإنما المحتفى بهم أيضاً، الذين نسوا أنهم «ولدوا» في مثل هذا اليوم.

مواليد الأول من تموز – بقلم د. حسن مدن
جريدة الخليج 
العويس الثقافية 

اصدارات العويس