كتاب «عائلة المظلوم» لمحمد عبدالله سعيد المظلوم السويدي – بقلم عبدالغفار حسين

عبد الغفار

أهداني الأستاذ الكريم محمد عبدالله سعيد المظلوم سجلاً أنيقاً أعده لأسرته وأقربائه من عائلة المظلوم السويدي. وهذا السجل ثاني سجل أراه وأقتنيه في مكتبتي لأسرة يعده أحد المنتمين إليها، والسجل الآخر هو كتاب «فوائد في تاريخ الإمارات» للشيخ محمد بن غباش.

والسؤال هنا والذي قد يثار من أحدنا: هل نشر تلك الملازم والسجلات فيه شيء من المنافع التي عادة ما تكون في نشر وتأليف كتب عامة تقليدية في عصر لا يهتم الناس فيه كثيراً بالترابط الرحمي العشيري الواسع، وبالتالي الصلة الأسرية والقبيلية، وإنما الاهتمام ينصب ويدور في الترابطين المجتمعي والوطني، اللذين يعيش في كنفهما الفرد، وله في هذا الكنف ما لغيره من أفراد المجتمع والوطن، وعليه ما عليهم من مسؤوليات وواجبات؟
وإنني أقر أن الصلات العشيرية والميل في تحريكها تحاول أحياناً الإطلال برأسها في هذه الساحة أو تلك من الساحات المجتمعية هنا وهناك، ولكن هذه الإطلالة أصبحت ذات إبصار خافت في المجتمعات التي تشق طريقها، وتسير نحو تحديث المجتمع تاريخه، والعمل على بناء أركان لمجتمع مدني الانتماء.
وكتاب الأستاذ محمد المظلوم السويدي «عائلة المظلوم»، أو سجله الأسري، أنيق الإخراج والإعداد، وفيه صور كثيرة لمن ينتمون إلى أسرته تعود إلى الأربعينيات من القرن العشرين، كما أن الكتاب يحتوي على صور لوثائق ورسائل وما شابه ذلك، مما يدل على أن الأستاذ المظلوم بذل من الجهد ما ينبغي تقديره، بالإضافة إلى صور أخري قديمة، ربما لم يكن باستطاعتنا الاطلاع عليها لو لم ينشرها الأستاذ المظلوم في كتابه هذا الذي بين أيدينا.
وعندي أن أي كتاب أو سجل لكتاب، هو عمل نافع، حتى ولو اختلفنا مع كاتبه ومؤلفه فيما طرحه في كتابه، من رأى أو عقيدة أو بيان؛ لأن المؤلف بذل جهداً فكرياً ليس بمقدور أي واحد منا أن يقوم به بسهولة، ومن حقه أن يُثاب على هذا الجهد الفكري، خاصة في مجتمع كمجتمع الإمارات يتطلع إلى الأمام، ويحاول أن يكون له مكان لائق بين المجتمعات المتقدمة.
وإني شخصياً أطالب المؤسسات ذات العلاقة بالإعلام والثقافة في الإمارات أن تحتفي بأي كتاب يصدر في الإمارات، وتُثيب كاتبه أو مؤلفه على إصداره بالثناء والتقدير.
وقد تذكرت وأنا أختتم حديثي عن كتاب الأستاذ محمد المظلوم، ما كانت عليه الحضارة العربية الإسلامية في سالف عهدها، لا سيما إبّان ازدهار الخلافة العباسية، أيام هارون الرشيد وابنه عبدالله المأمون، فإنهم كانوا يتبعون تقليداً لعله نادر المثيل في الحضارات الأخرى، وهو إعطاء راتب لأي مؤلف يكتب كتاباً أو يترجم كتاباً، وزن كتابه ذهباً، وكانوا يضعون الكتاب في كفة ميزان ويضعون الذهب في الكفة الأخرى، وبالتالي يحصل المؤلف على كمية من الذهب مقابل ما بذله من جهد فكري!!.
ومن الطبيعي ألّا يكون كل كتاب وكل كاتب يُعطى المكافأة المأمونية، التي ذكرنا عنها، على كتابه، ونترك تقدير المكافأة للجان التحكيم، ولكن الكتاب والكتابة عملان رائعان، ويدلان على بلوغ الأمة مرحلة متقدمة في المجال الحضاري. 

جريدة الخليج