فتحية والشرقاوي – بقلم سوسن دهنيم

عشت حبهما من خلال ما سمعته من أغنيات لمطربي الخليج: عشق ووله وشوق حين الفراق القسري. حب تمنيت أن يتكرر كثيراً في الحياة.

علي الشرقاوي الذي كان يحتضننا جميعاً في «جريدة الوطن»، يحتوينا كأب لا يريد لأبنائه التعثر في الحياة الواقعية أو التلعثم في الكتابة أو اللثغ في الشعر. أحببته أباً وصديقاً وأخاً وشاعراً لا يكتب إلا لينشر الحب والسعادة. 

الشرقاوي تعب من ذاكرته المزدحمة، فألقى منها الكثير بسبب مرضه، شفاه الله وعافاه، لكنه كان يؤكد لنا أن الحب لا ينسى، وأن «فتحية» هي الحبيبة، وبناته امتداد لمحبة لا يمكن تجاهلها، ولا يقدر على محوها أي مرض. 

عرفت علي الشرقاوي لسنوات طويلة، لكنني عرفت فتحية العجلان قبل يومين فقط، برغم أنني كنت أراها مثالاً للمرأة البحرينية والشاعرة العاشقة التي لا تتكرر، والمعشوقة التي بسببها كتب الشرقاوي أجمل قصائده.

ترحيبها الحار، عفويتها الجميلة، روحها التي أضفت على المكان غيمة، أنجبت غيثاً لذيذاً في هجير الصيف، كلامها الشعر، مواويلها التي كانت تلقيها، قصصها الجميلة، وقبل كل هذا وذاك وفاؤها النادر الذي لا يتكرر.

تتحدث عن الشرقاوي الحاضر بيننا في الجلسة بجسده، وقليل من ذاكرته الملأى بها وكأنه عشقها الجديد. 

كانت تكرر كلمة «حبيبي» في كل ذكرى تسردها، تلك الكلمة التي تخرج من شفاهها، وكأنها بيت شعر كتبه عاشق، تسامره وكأنها تكرر له مع كل همسة:
«‏تذكرني اللي زاد الهوى وإنشدت احبالك على خيامك
تذكرني وخلني مرة أمر على بالك». 

إصرارها على تذكر كل مآثر الشرقاوي والتذكير بها، كان لافتاً طوال الجلسة، نكرانها الذات، مقابل حبيب عمرها.

كانت العجلان كما قرأتها تماماً،  صوتاً منفرداً مختلفاً قادماً من «فرجان» المحرق الأصيلة، امرأة تعرف كيف تحتوي حبيبها المبدع، المعجون بكل جنون الشعراء.

شاعرة لا تنطق إلا الشعر، ولا تعبر عمّا في قلبها إلا به، بسيطة كأية بحرينية، متواضعة كأي مبدع حقيقي .

هي التي تتذكر فتكتب، وتحب فتكتب، وتشتاق فتكتب، وتتألم فتكتب، هي التي قالت: 
«‏أنا وأنت صداقه من زمن لول
من يوم مريولي قصير وشنطتي تكبر
علمتني كيف الوفا وفي طريج المدرسة الضحكة تتعلم
وحروفنا بالفرح اشلون تتلون 
علمتني وزن الشعر
واشلون ما نغرق
كبرنا وما كبرنا
بس الألم يكبر».

فتحية والشرقاوي – بقلم سوسن دهنيم

جريدة الخليج

العويس الثقافية 

اصدارات العويس