عِمـــران العــويــس.. عميــد المـؤرخيــن فـي الإمـــارات – بقلم عبد الغفار حسين

842020

عِمران العويس.. رجل التاريخ، ومعارفه في الجزيرة العربية وليس في الإمارات وحدها.. وقبل سنين، وأعتقد أن ذلك في التسعينات من القرن الماضي، سألت بوراشد، عِمران العويس – رحمه الله – إن كان قد بدأ يكتب شيئاً للتاريخ!، قال: أكتب عن الأُسْر وانتماءاتها في الإمارات.

قلت له: هذا علم ليس بنافع ولن يُدرّس للأجيال.. أليس من الأفضل أن تكتب مذكرات تاريخية شخصية عن حوادث وأعلام مجتمعية عرفتها عن قرب، وقلت له أيضاً: إنك أكثر الناس معرفة بعُمان، وما جرى فيها من الحوادث، والكتابة عنها فيها منفعة لنا وللعُمانيين.. وكان – رحمه الله – إيجابياً، وقال: أنت على صواب وسأنظر في اقتراحك.

وكان عِمران العويس ذا ثراء معرفي كبير، وكان ثالث ثلاثة من آل العويس في البروز الثقافي في المجتمع الإماراتي، هناك سالم بن علي العويس الشاعر والفيلسوف، الذي هو من أوائل من طرق باب الشعر الفصيح في الإمارات، وإذا أَرَّخَ أحدنا للشعر والشعراء، فإنه يضع سالم العويس في مقدمة صفوف من قال الفصيح من الشعر ودَوَّنَهُ قبل العقد الثاني من القرن العشرين، وأعتقد أن كاتب هذه السطور من أوائل من كتب عن هذا الشاعر.

ومن أسرة العويس من برع في الشعر كما برع في التجارة، سلطان بن علي العويس التاجر الذي استهواه الشعر أكثر مما استهوته التجارة.. وهذا العنوان جاء على رأس مقال لي في مجلة «المجمع الثقافي» في السبعينات من القرن الماضي.

وجاء ثالث الثلاثة.. عِمران بن سالم العويس، المعلم والمؤرخ والحافظ والراوية المعروف على الصعيد الخليجي، ورجل المجتمع الرزين، ليكون خاتمة المجموعة الأولى من الذين كانوا نجوماً في سماء الثقافة في الإمارات.

وكان من أبرز المساهمات الشخصية، التي قام بدور فيها المرحوم عِمران العويس، هي عضوية لجنة التراث والتاريخ في أبوظبي، ومؤسسة سلطان العويس الثقافية، كعضو في مجلس الأمناء منذ تأسيس هذه المؤسسة في عام 1987، كما ساهم بوراشد – رحمه الله – في تأسيس ندوة الثقافة والعلوم، وكان لا يتوانى في المساهمة في أي عمل ثقافي يعرض عليه المساهمة فيه..

ولكي تبرز مساهمات هذا المثقف، الذي عاصر الحوادث والحركات الثقافية في الإمارات منذ الثلث الأول من القرن الماضي، فإني اقترح على ندوة الثقافة والعلوم – وهو المكان الذي كان يرتاده المرحوم بوراشد، عِمران العويس، بشكل منتظم كل أسبوع، وفي مناسبات ثقافية أخرى قبل أن يقعده المرض – أن تشكل من بين أعضائها فريقاً للقيام بالاستقصاء عن مكتبة بوراشد، الذي أعتقد بأنها إحدى المكتبات المملوءة بنفائس الكتب، وتوثيقات ثقافية وتعليقات وحواشي على الكتب، وكتابات كثيرة غير مرتبة – أعدها وكتب على صفحاتها وحواشيها ملاحظات، بغية الاستفادة منها، وفي مثل هذه الخطوة تؤدي الندوة ما عليها من حق لهذا العلم الثقافي، الذي رحل عنا مأسوفاً عليه… وقد قرأت في جريدة الخليج يوم الثلاثاء، الموافق 7 إبريل 2020، أن لعِمران العويس مؤلفات ودراسات في الساحة الثقافية، وفي علمي أن هذا الخبر ليس دقيقاً..

ولذلك وجب منى التنويه في هذا المقال.. ومن الخير أن تتم مراجعة مكتبته في الشارقة، ومكتبه التجاري في دُبي، للتفتيش عن أي كتابات دوّنها المرحوم عِمران العويس، وقد وعدني الأستاذ بلال البدور – رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم – بالقيام بهذا الجهد.

جريدة الخليج