ريم الكمالي: الناقد الحقيقي عملة نادرة – بقلم نجاة الفارس

ريم الكمالي: الناقد الحقيقي عملة نادرة – بقلم نجاة الفارس
أكدت الروائية الإماراتية ريم الكمالي التي وصلت روايتها «يوميات روز» إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، أن الجوائز ما هي إلا فرصة للمزيد من الانتشار، وقد انبثقت فكرة روايتها من تساؤل حول إبداع النساء القصصي والروائي في حقبة الستينات من القرن الماضي. وأوضحت أن الناقد الحقيقي نادر.

* ماذا يمثل لك الوصول إلى القائمة الطويلة لجائزة «البوكر»؟ وكيف تنظرين إلى أهمية هذه الجائزة؟

– الجوائز بقوائمها الطويلة والقصيرة ما هي إلا فرصة للمزيد من الانتشار في أيدي القراء، بسبب الاهتمام بها إعلامياً، وفي أي حال الرأي للقارئ، وبتقديري فإن رأيه أهم من آراء اللجان المختارة والمؤطرة، فهؤلاء أحياناً، وليس دائماً، يحكمهم هوى الانتصار لكاتب أو آخر لأسباب ما، فتدخل النصوص الأخرى في دائرة الظلم.

فكرة

* كيف انبثقت فكرة «يوميات روز»؟ وكم استغرقت كتابتها؟

– انبثقت من تساؤل حول كتابة المرأة للإبداع القصصي والروائي في حقبة الستينات من القرن الماضي، على الرغم من حضورها البهي، تعليماً وتقديراً وبروزاً، في الشعر والتجارة والمجلس، فأطلتْ الفتاة روزة في مخيلتي كمبدعةٍ تعيش اللغة والخيالات والوهميات في تلك الحقبة الستينية.

وهي التي لم تلحق بزميلات المدرسة إلى البعثات الجامعية العربية آنذاك لظروفها الخاصة، وهي التي تملك اللغة والقلم والرؤية، لتصب براعتها في أوراقها ودفاترها ويومياتها، وهي حجة فنية، لتعبّر عن كل المشاهدات وتحوّلها إلى قصة، أو مسرحية، أو خطاب، ثم تتخلص من دفاترها تلك قبل أن يراها أحد، لتصبح الرواية بين الواقع والخيال، في زمن تتمخض فيها المنطقة العربية.

اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً بعد استعمار طويل، أمام روزة المراقِبة لكل تلك الأحوال، لتكتبها في دفاترها السرية، وبحواسها الإبداعية، ويصبح قلمها وما كتبته هو الأهم، فما الذي كتبته يا ترى؟ هذه هي يوميات روزة التي استغرقتْ عامين.

وعلى الرغم من أن الرواية من النوع الذي يدعى «نوفيلا» أي الرواية القصيرة جداً، لكنها كثيفة وحنونة.

وفيها نقاش حول الإرث، والمساواة، والهوية، والخرافات، ونقوش العمائر، والفنون، واختفاء الحرف اليدوية، والأسباب الأصلية لتطور السفن عالمياً، والتقدم العروبي والخطاب الوطني، ومجنون حكيم مهمل لا يقول سوى الحقيقة، وعن أسطورة اللآلئ وطبيبها في الخلجان، وهي المرة الأولى التي يتطرق فيها الأدب الروائي لمهنة طبيب اللآلئ.

على الرغم من الكتابات الأدبية العديدة حول اللؤلؤ وما فيه من شقاء وجمال، وحضارةٍ.

* لماذا سمّيتِ البطلة «روز» وما دلالة الاسم؟

– هي روزة وليست روز، روزة اسم محلي وأصبح اليوم نادراً التسمّي به، على الرغم من جمال المعنى المختزل في حضور ورزانة وقلة الكلام، والحكمة، بينما «روز» اسم أجنبي يعني وردة الجوري (الحمراء)، أما لماذا يوميات روز وليست يوميات روزة، فعليكم بقراءة الرواية لمعرفة السر.

* ما أهم التحديات التي واجهتك أثناء كتابة الرواية؟

– مسؤولية الأسرة والوظيفة والمشاركات الثقافية كانت ترهقني، وهذا طبيعي طالما اخترت أن أكون روائية، فالرواية اليوم تجمع أشلاء المجتمعات، ولها مآزقها ومكائدها، كنت أتعب وأنا أكتب، لكنه الشغف.

* ما نسبة الواقع إلى المتخيل في أحداث «يوميات روز»؟

واقعها خيال، وخيالها واقع، سيّان، يتداخلان ويروّضان بعضهما بعضاً، لاقتناعي أنه لا بقاء سوى لواقع الإنسان المنتج الذي يصنع ويخترع ويكتب ويعمل بعد متخيل، فالخيال نعمة كبرى يجعل الواقع مقروءاً ومُحتَملاً.

دأب

* من طقوس كتابة الرواية لديك أن تقرأي الكثير من الشعر بداية، فلماذا؟

– بالنسبة إلي كلما قرأت الأشعار ورتلتها بصوت مسموع، وترنمت بها، ولحّنتها، كلما وصلت إلى حالة من الشوق، شوق يفتح لي باب اللهفة على صفحة إلكترونية بيضاء مغوية تُرَغِّبُني في كتابتها في مناخ هيّأته مسبقاً.
فكرة وتخطيطاً، بتفاصيل تمكنت من رأسي، وشخوصاً بحاجة إلى لغة تعلو بهم وتهبط، وبإيقاع موسيقي رمزي صُوَري شِعري، يمنح الفكرة معاني جديدة.

ترويض وصبر

* لديكِ ثراء لغوي ودقة في التعبير يبدو جلياً في أعمالك خاصة «يوميات روز» كيف تشكّل ذلك؟

– ما زلت أثابر وأواظب، بالدأب على القراءة، بالتمرين المستمر، بتغييري التعبير ذاته بطرق مختلفة في لغة تتمدد في صورها وأشكالها حتى أمنح مفاهيم جديدة، وبأحاسيس مسترسلة.. كل شيء بحاجة إلى تمرين وترويض وصبر وتأمل،

ليخرج المجهول واللايقين بصورة مقبولة إن لم تكن عذبة، وإلا ماذا يعني أن نكتب كما كتب من قبْلنا؟ علينا باستمرار تطوير اللغة في أفكار مبتكرة، وألّا نسعد برأي الآخرين حين يشبّهون لغتنا بلغة أدباء كبار سبقونا، فهذا يعني أننا لم نتقدم.

الناقد نادر

* إلى أي مدى أنصف النقد أعمالك الأدبية؟

– الناقد الحقيقي نادر، ومن يكتبون تتداخل في كتاباتهم حسابات أخرى.

* ما مشروعك الأدبي القادم؟

– مشروعي الأدبي القادم يحتاج إلى سنوات لإخراجه، وبحاجة إلى شجاعة وبحث وسفر وصبر.

ريم الكمالي: الناقد الحقيقي عملة نادرة – بقلم نجاة الفارس

جريدة الخليج

العويس الثقافية