الحب في زمن الكورونا – بقلم ناصر الظاهري

ناصر-الظاهري

– ليس هناك أجمل من الحب بالمراسلة، الحب العذري، الحب الأفلاطوني، ورسم قلوب مجروحة على الشجر، والوقوف أمام «أسياخ دريشة حلّيانه»، وتهلّ من رأسك قصائد الوله والشوق في واحدة ما تعرف طينة وجهها، خاصة في زمن الوباء، فالحب في زمن الكورونا، مثل الحب في زمن الكوليرا.
– ليس هناك أجمل من أن تنام مستلقياً مثل ذكر البط، تستعيد الذكريات الجميلة التي مضت، ومستمتعاً بأغنية «أحب البر والمزيون..»، وترسل لسهيلة تحيات وقُبلاً في الهواء، ومن بعيد لبعيد، وكأن لا أحد يساويها، وتطربها بتلك الجمل المجانية: «فديتك نظر عيني، لا خليت من الغالي»، وتجاوبك هي من الضفة الأخرى للنهر، باثّة لوعتها واشتياقها: «وآيه.. يعلني هوب بلاك، وآيه.. يعل يومي قبل يومك يا بعد طوايفي، الله يغربل كورونا مثل ما غربل خلق الله».
– ليس هناك أتعس من عشاق تايلاند بهدف العلاج من الضيق والكدر، والعلاج الطبيعي من وجع الظهر، والعلاج بالسفر، والعلاج من عجائز أكل عليهن، وشرب الدهر، أصبحوا مثل الأيتام، ومثل المفطومين قبل أن يتمّوا حولين كاملين، غير عارفين ولا مستوعبين هول المفاجأة، وسوء الخطر، ولا دارين متى سينتهي العزل والحجر، ومتى سيتم السماح لهم بالسفر.
– ليس هناك أجمل من لحظات السعادة الزوجية، حين يجلس زوجان على كنب من الديباج والدمقس يتابعان بلهفة مسلسلات مكسيكية وتركية وهندية طويلة عن قصص حب لا تنتهي، متذكرين أيامهما الخوالي المحلية، حين كانا «يتدربحان» على كثيب رمل، أو حين يعلق ذائل ثوبها في رمثة، أو حين يغنيان تحت ظل اللومية أو شجرة الهمبا أغنية: «أسمع ونين عويشه فوق الغرفة».
– لطلبة العلم وعشاق المعرفة، والمولعين بالصينية المندرينية، تم إلغاء حكمة: «اطلبوا العلم ولو في الصين» لأسباب تتعلق بوزارة التربية والتعليم، وبكورونا، وعلى المتضررين طلب الالتحاق بالتعليم عن بُعد أو التسجيل في جامعات كوريا الشمالية، حيث التعليم مجاناً، والإعدام للمصابين بفيروس كورونا.
– المحبون في زمن الكورونا، يجب عليهم التريث، وأخذ الحيطة والحذر، وارتداء الكمامات، ولبس القفازات، ومنع التقارب من الزوجات، فآخر الدراسات الكندية أو الألمانية تقول: «النساء أقل عرضة وأكثر مقاومة لفيروس كورونا من الرجال»، وهذه أمنية نزلت من السماء باردة على صدورهن، وهن يتمنين ارتفاع درجة حرارة الزوج بأي وجه من الوجوه، فإياك أيها الزوج غير المصون أن تغوص في المستنقع والوحل أو الماء العكر الذي يحببن أن يصطدن فيه، وهذه المرة سيكون تمساحاً بحجم زوج يشككن فيه دوماً، وباستمرار.