فاز المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي، يوم السبت 24 مايو بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه “كان مجرد حادث” الذي صُوّر سراً، داعياً من على منبر المهرجان إلى “حرية” بلاده.
وكوفئ المخرج البالغ من العمر 64 عاماً، والذي تمكن من الحضور إلى مهرجان “كان” السينمائي للمرة الأولى منذ 15 عاماً، بالجائزة الأرفع للمهرجان، عن فيلمه الذي تدور أحداثه حول مخطط سجناء سابقين للانتقام من جلاديهم.
وقال بناهي إن فيلمه مستوحى جزئيًا من سجنه الأخير. ويتناول الفيلم قصة سجناء سياسيين سابقين يختطفون رجلاً يعتقدون أنه محققهم السابق، على الرغم من عدم يقينهم بأنّه هو، وشكوكهم حول ما يجب فعله به.
ومنح المهرجان هذا العام الجائزة الكبرى لفيلم “Sentimental Value” للمخرج يواكيم ترير، وتقاسم جائزة لجنة التحكيم فيلم “Sirat” للمخرج أوليفر لاكس، وفيلم “The Sound of Falling” للمخرجة ماشا شيلينسكي.
وفاز فاغنر مورا بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “The Secret Agent” للمخرج كليبر ميندونسا فيلهو، الذي توّج بجائزة أفضل مخرج.
وفازت نادية مليتي على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم “La Petite Dernière”للمخرجة الفرنسية من أصل تونسي حفصية حرزي.
وحصل فيلم “Resurrection” للمخرج بي غان على جائزة خاصة، بينما مُنح فيلم “Young Mothers” للمخرجين جان بيير ولوك داردين، وهما من رواد مهرجان كان، جائزة أفضل سيناريو.
يذكر أن بناهي سُجن المخرج الإيراني جعفر بناهي، مراراً وتكراراً ومُنع من إخراج الأفلام في موطنه إيران، كما أنه مُنع من السفر عدة مرات، لدرجة أنه لم يزر مهرجان كان منذ عام 2003، على الرغم من مشاركة أفلامه. وقد حُكم عليه في إيران عام 2010، بالسجن ست سنوات ومُنع من التصوير لمدة 20 عاماً أو السفر إلى الخارج، لدعمه احتجاجات مناهضة للحكومة ونشر “دعاية مناهضة للنظام”، وأُطلق سراحه بكفالة مشروطة بعد شهرين، ومنذ عام 2010، لم يتمكن المخرج الإيراني من مغادرة بلاده لحضور أي من المهرجانات السينمائية الكبرى التي حصد فيها جوائز، كجائزة الدب الذهبي” مرتين في مهرجان برلين وثلاث جوائز في مهرجان كان وجائزة أخرى في مهرجان البندقية.
وخلال تسليمه جائزة السعفة الذهبية، تطرقت رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش إلى الدور الذي يضطلع به الفنانون في “تحويل الظلام إلى غفران”. وقالت النجمة الفرنسية إن “الفن يستفز ويطرح الأسئلة ويبدّل الأوضاع (…) الفن يحرك الطاقة الإبداعية لأثمن جزء فينا وأكثره حيوية. قوة تحوّل الظلام إلى غفران وأمل وحياة جديدة”.
عروس وعريس يجلسان في الجزء الخلفي المفتوح من السيارة، بينما يقف رجل آخر بجانبهما في الصحراء الإيرانية في لقطة من فيلم “كان مجرد حادث”.صدر الصورة،Jafar Pahani Productions/Les Films Pelleas
التعليق على الصورة،يوزان فيلم “كان مجرد حادث” بين الغضب والدفء والفكاهة والتعاطف مع شخصياته، حتى عند تناوله أكثر المواضيع قتامة.
هذه الأصوات لطالما طاردت وحيد لسنوات أثناء كوابيسه.
فهي تُذكره بشخص يُعرف باسم “بيج ليغ”، وهو مُحقق سادي عذب وحيد أثناء سجنه بتهمة التحريض التي لُفقت له.
وبمجرد أن يرى الرجل، يندفع وحيد ويُسقطه أرضاً مستخدماً مجرفة، ثم يضعه في صندوق في مؤخرة شاحنته، ويُخطط لدفن الشخص، الذي يعتقد أنه المحقق “بيغ ليغ”، حياً في الصحراء.
لكن وحيد لا يعرف شكل هذا المحقق، لأنه كان معصوب العينين طوال فترة سجنه، ولذلك لا يمكنه الجزم بأن الرجل الذي احتجزه هو “بيج ليغ”.
ولهذا، يقرر وحيد قيادة الشاحنة والذهاب إلى المدينة للحصول على رأي ثانٍ من صديق كان مسجوناً معه.
مهرجان برلين السينمائي يشجب اعتقال المخرجين الإيرانيين محمد رسول آف ومطفى آل أحمد
لكن الأمور لم تكن بهذه البساطة، إذ سرعان ما امتلأت شاحنة وحيد بسجناء سابقين يتجادلون حول هذا الموضوع، ومن بينهم مصوّرة حفلات زفاف، وامرأة غاضبة من المقرر أن تتزوج في اليوم التالي، ورجل تملأه المرارة، مستعد دوماً لخنق الأسير، سواء أكان “بيج ليغ” أم غيره.
المخرج الإيراني جعفر بناهي يتسلم جائزة السعفة الذهبية من رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش والممثلة الأسترالية كيت بلانشيت.صدر الصورة،Reuters
التعليق على الصورة،المخرج الإيراني، جعفر بناهي، يتسلم جائزة السعفة الذهبية من رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش(يساراً) والممثلة الأسترالية كيت بلانشيت (يميناً).
كوميديا “صحية”
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
اشترك في قناة “مجلة +” على تطبيق WhatsApp
قناة “مجلة +”
يمكنك مطالعة مجموعة متنوعة من المقالات الشيقة والملهمة والتقارير المفيدة.
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
يمزج المخرج الإيراني، جعفر بناهي هذه القضايا بجرعةٍ من الكوميديا “الصحية”.
فوحيد ورفاقه ليسوا قصاصين متعطشين للدماء، بل هم مجموعة من الأشخاص يتشاجرون، وقد تُحبط مهمتهم بنفاد البنزين.
ففي لحظة ما، سيضطرون إلى دفع الشاحنة داخل مرآب، بما في ذلك العروس التي ترتدي فستان زفافها الأبيض.
وفي هذه الأثناء، لا يكتفون بالبحث عن الشرطة السرية لمساعدتهم، بل يُثير استياءهم الفساد المُستشري على نطاق محدود.
فأحد الأمثلة الساخرة على ذلك، هو قيام اثنين من حراس أمن بإنتاج جهاز خاص بهما لإتمام عمليات الشراء بالبطاقة الائتمانية، حتى يتمكنا من بيع شرائح الهاتف المحمول للأشخاص الذين يحتاجون إلى شرائها وليس بحوزتهم أموال نقدية.
هذه المشاهد الساخرة ليست مجرد تسلية عابرة، بل إنها تُعزز وجهة نظر بناهي القوية بأن الأبطال والأشرار ليسوا جميعاً شخصيات بارزة ترتدي زياً رسمياً.
فهناك من ارتكبوا أسوأ الشرور، وأولئك الذين تحملوها، وهناك من سكتوا عنها وسمحوا لها بالحدوث،
ويمكن رؤيتهم جميعاً في أي شارع من شوارع المدينة المُشمسة، وهم يُمارسون حياتهم اليومية مع أصدقائهم وأقاربهم.
ويضع بناهي هذه الرؤى المرعبة والإنسانية المؤثرة في فيلم بسيط وسريع الحركة.
ولذلك، يوازن فيلم “كان مجرد حادث” بين الغضب والدفء والفكاهة والتعاطف مع شخصياته، حتى عند تناوله أكثر المواضيع قتامة.
المخرج الإيراني جعفر بناهي برفقة زوجته طاهرة سعيدي داخل سيارة، بعد أن غادر سجن إيفين بالعاصمة الإيرانية طهران في 3 فبراير/شباط 2023.صدر الصورة،taherehsaidii via Reuter
التعليق على الصورة،المخرج الإيراني جعفر بناهي (إلى اليسار) مع زوجته طاهرة سعيدي بعد أن غادر سجن إيفين بالعاصمة الإيرانية طهران في 3 فبراير/شباط 2023.