أينما تسأل عن إسماعيل عبدالله، تجد عنوانه على خريطة طريق طويلة للمسرح، منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي، وإلى الآن، بلا توقف. هل نسمّيه مسرحي المسافات الطويلة؟ رجل الستارة والخشبة الذي لا يعرف التعب ولا التراجع ولا التردد، وهو يعيش المسرح على طريقة الأسماك التي تنتهي حياتها إذا خرجت من الماء، وهو بهذا التوصيف الشعري كائن يعيش أوكسجين المسرح برئتين واسعتين نظيفتين، كانتا، منذ طفولته، قد امتلأتا بهواء خورفكان المُصَفّى من الجبال، والبحر.
ما مناسبة هذه المقدّمة الشعرية، والرجل في داخله حيوية الشعر، لكن بلغة المسرح؟ المناسبة تكريم وزارة التربية والتعليم في المملكة الأردنية الهاشمية له في العاصمة عمّان، قبل أيام قليلة، تقديراً لسيرة مسرحي إماراتي له تاريخ واسم واعتبارية أدبية وثقافية، ليس في الأوساط المسرحية العربية وحسب، بل أيضاً في البيئة الثقافية والإبداعية والأدبية الممتدة من المحيط إلى الخليج.
إسماعيل عبدالله اسم علم في ثقافة المسرح، وهو يستحق هذا التكريم العربي في العاصمة الأردنية، لأنه مؤهل له بالخبرة والتاريخ..
أولاً، بما أن التكريم جاء من قبل وزارة تعليم عربية، فيجدر القول، إذاً، إن صاحب العشرات من الأعمال المسرحية الإماراتية قد خدم بقلبه وعاطفته فن المسرح المدرسي، وهو حجر زاوية في بنية مهرجان هذا الفن التخصصي منذ أكثر من عشر سنوات.
أولى أفكار إسماعيل عبدالله، منذ أن تولّى رئاسة الهيئة العربية للمسرح في الشارقة في العام 2008، كانت فكرة إنعاش المسرح المدرسي على شكل مهرجان عربي له اعتبارية ثقافية مستقلّة، من خلال خبرات عربية لرموز ونخب مسرحية، تعرف ثقافياً ومهنياً أصول ومرجعيات وآفاق المسرح المدرسي الذي من خلاله يجري التقاط المواهب الأولى الجالسة على مقاعد الدراسة، ثم رعايتها، ومراقبتها، وتدريبها، إلى أن تصبح بالتدريج عناصر احترافية مرّت بأطوار الهواية، ثم النضج، ثم الاحتراف.
يعرف إسماعيل عبدالله مهنياً واحترافياً كيف يؤسس للمسرح المدرسي، فهو مولع فطرياً بفكرة التأسيس، أولاً، أسس فرقة مسرح خورفكان الشعبي عام 1979، إلى جانب زملائه وأصدقائه ممن تجري روح المسرح في شرايينهم وأعصابهم التي تتحمّل مسؤوليات هذا الفن الذي يحتاج إلى مواظبة ومتابعة ورؤية، بحيث يتحول من فن إلى هوية وذاكرة وتاريخ.
شارك في تأسيس المسرح الحرّ في جامعة الإمارات 1981، وشارك في تأسيس مسرح الطليعة في خورفكان في العام 1986، وترأس في العام 2007 فريق العمل لتأسيس الهيئة العربية للمسرح.
ليس التأسيس وحده هاجس إسماعيل عبدالله، بل أينما تسأل عنه تجده، إما ممثلاً وإما مخرجاً على الخشبة، أما خارج هذا الفضاء الأدائي العملي الجسدي المرهق، فهو أيضاً ماكينة كتابة منتظمة للمسرح والتلفزيون، والسينما والإذاعة.
بمفرده إسماعيل عبدالله هو ثلاثة أو أربعة في واحد. كأنما هو مسرح يمشي على قدمين، ومرة ثانية، هو أيضاً مسرحيّ المسافات الطويلة، ولهذا، استحق التكريم.
جريدة الخليج