وَلَمّا اِلتَقَينا بِالثَنِيَّةِ أَومَضَت – عمر بن أبي ربيعة

عمر بن أبي ربيعة

وَلَمّا اِلتَقَينا بِالثَنِيَّةِ أَومَضَت

مَخافَةَ عَينِ الكاشِحِ المُتَنَمِّمِ

أَشارَت بِطَرفِ العَينِ خَشيَةَ أَهلِها

إِشارَةَ مَحزونٍ وَلَم تَتَكَلَّمِ

فَأَيقَنتُ أَنَّ الطَرفَ قَد قالَ مَرحَباً

وَأَهلاً وَسَهلاً بِالحَبيبِ المُتَيَّمِ

فَأَبرَدتُ طَرفي نَحوَها بِتَحِيَّةٍ

وَقُلتُ لَها قَولَ اِمرِئٍ غَيرَ مُفحَمِ

وَإِنّي لِأُذري كُلَّما هاجَ ذِكرُكُم

دُموعاً أَغَصَّت لَهجَتي بِتَكَلُّمِ

وَأَنقَدُ طَوعاً لِلَّذي أَنتَ أَهلُهُ

عَلى غِلظَةٍ مِنكُم لَنا وَتَجَهُّمِ

أُلامُ عَلى حُبِّ كَأَنّي سَنَنتُهُ

وَقَد سُنَّ هَذا الحُبُّ مِن قَبلِ جُرهُمِ

وَقالَت أَطَعتَ الكاشِحينَ وَمَن يُطَع

مَقالَةَ واشٍ كاذِبِ القَولِ يَندَمِ

وَصَرَّمتَ حَبلَ الوُدِّ مِن وُدِّكَ الَّذي

حَباكَ بِمَحضِ الوُدِّ قَبلَ التَفَهُّمِ

فَقُلتُ اِسمَعي يا هِندُ ثُمَّ تَفَهَّمي

مَقالَةَ مَحزونٍ بِحُبِّكِ مُغرَمِ

لَقَد ماتَ سِرّي وَاِستَقامَت مَوَدَّتي

وَلَم يَنشَرِح بِالقَولِ يا حَبَّتي فَمي

فَإِن تَقتُلي في غَيرِ ذَنبٍ أَقُل لَكُم

مَقَلَةَ مَظلومٍ مَشوقٍ مُتَيَّمِ

هَنيئاً لَكُم قَتلي وَصَفُّ مَوَدَّتي

فَقَد سيطَ مِن لَحمي هَواكِ وَمِن دَمي

 

وَلَمّا اِلتَقَينا بِالثَنِيَّةِ أَومَضَت – عمر بن أبي ربيعة

شاعر أموي (644 ـ 712) م

 العويس الثقافية 
اصدارات العويس