المسرح المدرسي

ابراهيم مبارك

المسرح المدرسي بين البدايات البعيدة التي ظهر فيها على شكل هواية تعتمد على وجود عناصر مدرسية تحب هذا الفن، وتحاول أن تستغل هذا الحب في صنع أعمال صغيرة وارتجالية ينفذها التلاميذ في المناسبات الاحتفالية في المدرسة، إلى ما نشاهدة الآن. وعادة ما يكون المعلم أو الإداري صاحب الهواية الفنية، لا يملك كل الأدوات أو المعارف الخاصة بإدارة الخشبه المسرحية، ولكن يقدم ما يستطيع صنعه من الأدوات المتاحة، وكثيراً ما تكون فكرة النص والهدف والغاية من اختياره للعمل المنفذ هي الأهم. 
كانت مجهودات مقدرة ومهمة، على رغم الهنات والقصور أحياناً في اكتمال تلك الأعمال، لقد صنعت تلك المحاولات الفنية شيئاً من المسرح المدرسي، وعادة لا تظهر إلا حيث يوجد ذلك المحب للمسرح، ولهذا لا يوجد غير مدارس قليلة ومحدودة يوجد فيها ما يشبه المسرح. وقد ظهرت في الإمارات بعض المدارس التي تقدم مسرحاً مدرسياً في المناسبات المهمة وكانت لافتة في جذب بعض الجمهور والأهالي، ولكن بعد حين ظهر من يهتم بهذا الفن ويدعمه، وخاصة وزارة التربية والتعليم، بل بعد مرحلة من المراحل وجد قسم للمسرح في إدارة الأنشطة المدرسية. 
وبصعود المسرح في منطقة الخليج العربي، أصبح الاهتمام أكبر وظهر اهتمام أكبر بتبني المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم، وتم تعيين المختصين الأكاديميين، وخريجي المسرح والمهتمين به، وكان مأمولاً أن يصعد المسرح إلى مسافات بعيدة ويخلق أجيالاً من التلاميذ والطلاب، الذين سيرفدون الحياة الفنية بعناصر جديدة تهتم بهذا الفن الجميل. ولكن بحكم بيروقراطية بعض الإداريين أو الإدارات المشرفة على المسرح المدرسي، وذلك لغياب حب المسرح لديهم أو الاهتمام بالرياضة أكثر من الفنون المسرحية، ظل التأرجح بين الصعود والهبوط حتى جاء الشباب عشاق المسرح وأتيحت لهم فرصة العمل الحر في الميدان المدرسي، واختيار العناصر الجيدة في الميدان، وأصبح العمل المسرحي المدرسي يظهر بقوة لافتة. 
ولعل أهم نقلة وصعود للمسرح المدرسي، جاءت عندما فتحت إدارة الثقافة والمسرح بالشارقة للمدارس والمسرح فيها أن يعرض إنتاجها المسرحي على قاعات المسرح الكبير، وهذا دعم كبير، حفّز المنافسة بين المدارس والمسارح فيها، وأصبح العمل المدرسي في مجال المسرح أكثر جدية من السابق. ونال الدعم أيضاً من إدارة الأنشطة الثقافية في وزارة التربية والتعليم، وظهر المسرح المدرسي بصورة واضحة، حيث برز بعض الطلاب في تقديم أعمال جيدة، وقد تكون هذه العناصر الطلابية الصغيرة، يوماً ما ضمن الممثلين المسرحيين. وكانت خطوة كبيرة أن يحضر المسرح المدرسي إلى قاعات العروض الحقيقية التي أعدت بصورة ممتازة ومتخصصة، حيث الخشبة المسرحية وجودة الإضاءة والصوت، وتوفر كل ما يعين على تقديم عمل مسرحي متكامل، وما كانت ستتاح هذه الفرصة لولا وجود عناصر إدارية ومسرحية كانت هي من تسيّر وتشرف على المسرح المدرسي، قبل أن تتواجد في إدارة المسرح الكبير، مثل الفنان أحمد أبو رحيمه، مدير المسرح الآن. لقد فتحت الأبواب للمدارس ومسرحها لكي تقدم أعمالها وإنتاجها، في القاعات الحقيقية، وليس المسارح المدرسية، التي قد يكون فيها بعـض القصور أو عدم اكتمال ما يلزم العرض المسرحي.

المسرح المدرسي – إبراهيم مبارك